المحرر الوجيز، ج ٢، ص : ١٩١
النضير كانوا غزوا بني قريظة فكان النضري إذا قتله قرظي قتل به وإذا قتل نضري قرظيا أعطي الدية، وقيل كانت دية القرظي على نصف دية النضري، فلما جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة طلبت قريظة الاستواء إذ هم أبناء عم يرجعان إلى جد، وطلبت الحكومة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالت النضير بعضها لبعض إن حكم بما كنا عليه فخذوه وإلا فاحذروا.
قال القاضي أبو محمد : وهذه النوازل كلها وقعت ووقع غيرها مما يضارعها، ويحسن أن يكون سببها لفضيحة اليهود في تحريفهم الكلم وتمرسهم بالدين، والروايات في هذا كثيرة ومختلفة، وقد وقع في بعض الطرق في حديث أبي هريرة أنه قال في قصة الرجم، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى بيت مدراسهم وقمنا معه وهذا يقتضي أن الأمر كان في آخر مدة النبي صلى اللّه عليه وسلم لأن أبا هريرة أسلم عام خيبر في آخر سنة ست من الهجرة، وقد كانت النضير أجليت وقريظة وقريش قتلت، واليهود بالمدينة لا شيء، فكيف كان لهم بيت مدارس في ذلك الوقت أو إن كان لهم بيت على حال ذلة فهل كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يحتاج مع ظهور دينه إلى محاجتهم تلك المحاجة؟ وظاهر حديث بيت المدارس أنه كان في صدر الهجرة اللهم إلا أن يكون ذلك من النبي صلى اللّه عليه وسلم مع عزة كلمته من حيث أراد أن يخرج حكمهم من أيدي أحبارهم بالحجة عليهم من كتابهم فلذلك مشى إلى بيت مدراسهم مع قدرته عليهم، وهذا عندي يبعد لأنهم لم يكونوا ذلك الوقت يحزنونه ولا كانت لهم حال يسلى عنها صلى اللّه عليه وسلم، وهذا عندي يبعد لأنهم لم يكونوا ذلك الوقت يحزنونه ولا كانت لهم حال يسلى عنها صلى اللّه عليه وسلم، وأما اختلاف الناس فيمن المراد بقوله : الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ فقال السدي : نزلت في رجل من الأنصار زعموا أنه أبو لبابة بن عبد المنذر أشارت إليه قريظة يوم حصرهم ما الأمر؟ وعلى من نزل من الحكم؟ فأشار إلى حلقه أنه بمعنى الذبح.
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف وأبو لبابة من فضلاء الصحابة وهو وإن كان أشار بتلك الإشارة فإنه قال فو اللّه ما زالت قدماي حتى علمت أني خنت اللّه ورسوله ثم جاء إلى مسجد النبي صلى اللّه عليه وسلم في المدينة فربط نفسه بسارية من سواري المسجد، وأقسم أن لا يبرح كذلك حتى يتوب اللّه عليه ويرضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عنه، فإنما كانت تلك الإشارة منه زلة حمله عليها إشفاق ما على قوم كانت بينه وبينهم مودة ومشاركة قديمة رضي اللّه عنه وعن جميع الصحابة، وقال الشعبي وغيره : نزلت الآية في قوم من اليهود أرادوا سؤال النبي صلى اللّه عليه وسلم في أمر رجل منهم قتل آخر فكلفوا السؤال رجلا من المسلمين وقالوا : إن أفتى بالدية قبلنا قوله وإن أفتى بالقتل لم نقبل.
قال القاضي أبو محمد : وهذا نحو ما تقدم عن قتادة في أمر قتل النضير وقريظة، وقال عبد اللّه بن كثير ومجاهد وغيرهما قوله تعالى : مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ يراد به المنافقون.
وقوله بعد ذلك سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ يراد به اليهود، وأما ترتيب معنى الآية بحسب هذه الأقوال. فيحتمل أن يكون المعنى يا أيها الرسول لا يحزنك المسارعون في الكفر من المنافقين ومن اليهود، ويكون قوله : سَمَّاعُونَ خبر ابتداء مضمر، ويحتمل أن يكون المعنى لا يحزنك المسارعون في الكفر


الصفحة التالية
Icon