المحرر الوجيز، ج ٢، ص : ٢١٢
أبني لبينى إن أمكم أمة وإن أباكم عبد
ذكره الطبري وغيره بضم الباء وقرأ الباقون «و عبد الطاغوت» بفتح العين والباء على الفعل الماضي وإعماله في الطاغوت وقد تقدم ذكره، وقرأ أبي بن كعب «عبدوا الطاغوت»، على إسناد الفعل الماضي إلى ضمير جمع، وقرأ ابن مسعود فيما روى عبد الغفار عن علقمة عنه «و عبد الطاغوت» بفتح العين وضم الباء ورفع التاء من الطاغوت، وذلك على أن يصير له أن «عبد» كالخلق والأمر المعتاد المعروف، فهي في معنى فقه وشرف وظرف، وقرأ ابن عباس وإبراهيم بن أبي عبلة «و عبد الطاغوت» بفتح العين والباء وكسر التاء من الطاغوت، وذلك على أن المراد عبدة الطاغوت وحذفت الهاء تخفيفا ومثله قول الراجز :
قام ولاها فسقوها صرخدا أراد ولاتها فحذف تخفيفا، وقرأ الحسن بن أبي الحسن في رواية عباد عنه «و عبد الطاغوت» بفتح العين وسكون الباء وكسر التاء من الطاغوت وهذا على أنه اسم جنس مفرد يراد به جميع، وروي عن الحسن من غير طريق عباد أنه قرأ بفتح العين والدال وسكون الباء ونصب التاء من الطاغوت، وهذه تتجه على وجهين أحدهما أنه أراد و«عبدا الطاغوت» فحذف التنوين كما حذف في قول الشاعر :
ولا ذاكر اللّه إلا قليلا والوجه الآخر أن يريد «عبد» الذي هو فعل ماض وسكن الباء على نحو ما هي عين الفعل مسكنة في قول الشاعر :
وما كل مغبون ولو سلف صفقة فإن اللام من سلف مسكنة ونحو هذا قول أبي السمال «و لعنوا بما قالوا» بسكون العين، فهذه قراءات العين فيها مفتوحة، وقرأ أبو واقد الأعرابي في رواية العباس بن الفضل عنه «و عبّاد الطاغوت» بضم العين وشد الباء المفتوحة وألف بعدها وفتح الدال وكسر التاء من الطاغوت وذلك جمع عابد، وقرأ عون العقيلي فيما روى عنه العباس بن الفضل أيضا «و عابد الطاغوت» على وزن فاعل، والدال مرفوعة، قال أبو عمرو تقديره وهم عابد الطاغوت.
قال القاضي أبو محمد : فهو اسم جنس، وروى عكرمة عن ابن عباس «و عابدو الطاغوت» بضمير جمع، وقد قال بعض الرواة في هذه الأخيرة إنها تجويز لا قراءة، وقرأ ابن بريدة «و عابد الطاغوت» بفتح العين والدال وكسر الباء والتاء، وقرأ بعض البصريين و«عباد الطاغوت» بكسر العين وفتح الباء والدال وألف بينهما وكسر التاء، قال أبو الفتح فيحتمل أن يكون ذلك جمع عابد كقائم وقيام وصائم وصيام، وقد يجوز أن يكون جمع عبد، وقل ما يأتي عباد مضافا إلى غير اللّه، وأنشد سيبويه :
أتوعدني بقومك يا ابن حجل أشابات يخالون العبادا
قال أبو الفتح يريد عباد آدم عليه السلام، ولو أراد عباد اللّه فليس ذلك شيء يسب به أحد، وجميع الخلق عباد اللّه.


الصفحة التالية
Icon