المحرر الوجيز، ج ٢، ص : ٥٠٣
أي في سوقهم على أن المجادلين المؤمنون في دعائهم إلى الشرع على أنهم المجادلين المؤمنون في دعائهم إلى الشرع على أنهم المشركون، وقوله وَهُمْ يَنْظُرُونَ حال تزيد في فزع السوق وتقتضي شدة حاله.
وقوله تعالى : وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ الآية، في هذه الآية قصص حسن أنا أختصره إذ هو مستوعب في كتاب سيرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لابن هشام، واختصاره أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما بلغه وقيل أوحي إليه أن أبا سفيان بن حرب قد أقبل من الشام بالعير التي فيها تجارة قريش وأموالها، قال لأصحابه إن عير قريش قد عنت لكم فاخرجوا إليها لعل اللّه أن ينفلكموها، قال فانبعث من معه من خف، وثقل قوم وكرهوا الخروج وأسرع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يلوي على من تعذر ولا ينتظر من غاب ظهره، فسار في ثلاثمائة وثلاثة عشر من أصحابه بين مهاجري وأنصاري، وقد ظن الناس بأجمعهم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يلقى حربا فلم يكثر استعدادهم، وكان أبو سفيان في خلال ذلك يستقصي ويحذر، فلما بلغه خروج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة يستنفر أهلها، ففعل ضمضم، فخرج أهل مكة في ألف رجل أو نحو ذلك، فلما بلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خروجهم، أوحى اللّه إليه وحيا غير متلو يعده إحدى الطائفتين، فعرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أصحابه بذلك، فسروا وودوا أن تكون لهم العير التي لا قتال معها، فلما علم أبو سفيان بقرب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخذ طريق الساحل وأبعد وفات ولم يبق إلا لقاء أهل مكة، وأشار بعض الكفار على بعض بالانصراف وقالوا عيرنا قد نجت فلننصرف، فحرش أبو جهل ولج حتى كان أمر الوقعة، وقال بعض المؤمنين : نحن لم نخرج لقتال ولم نستعد له، فجمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أصحابه وهو بواد يسمى ذفران، وقال أشيروا علي أيها الناس، فقام أبو بكر فتكلم فأحسن وحرض على لقاء العدو، فأعاد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الاستشارة فقام عمر بمثل ذلك، فأعاد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الاستشارة
فتكلم المقداد الكندي فقال : لا نقول لك يا رسول اللّه اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن نقول إنا معكما مقاتلون. واللّه لو أردت بنا برك الغماد.
قال القاضي أبو محمد : وهي مدينة الحبشة لقاتلنا معك من دونها، فسر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بكلامه ودعا له بخير، ثم قال أشيروا علي أيها الناس فكلمه سعد بن معاذ وقيل سعد بن عبادة.
قال القاضي أبو محمد : ويمكن أنهما جميعا تكلما في ذلك اليوم، فقال يا رسول اللّه كأنك تريدنا معشر الأنصار، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : أجل، فقال إنا آمنا بك واتبعناك فامض لأمر اللّه، فو اللّه لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : امضوا على بركة اللّه فكأني أنظر إلى مصارع القوم، فالتقوا وكانت وقعة بدر، وقرأ مسلمة بن محارب «و إذ يعدكم» بجزم الدال، قال أبو الفتح ذلك لتوالي الحركات، وقرأ ابن محيصن «و إذ يعدكم اللّه احدى الطائفتين» بوصل الألف من إِحْدَى وصلة الهاء بالحاء، والشَّوْكَةِ عبارة عن السلاح والحدة، ومنه قول الأعور :[الرجز]
إن العرفج قد أدبى
وقرأ أبو عمرو فيما حكى أبو حاتم الشَّوْكَةِ تَكُونُ بإدغام التاء في التاء، ومعنى الآية وتودون العير


الصفحة التالية
Icon