المحرر الوجيز، ج ٢، ص : ٥٣١
علي بن الحسين وعبد اللّه بن محمد بن علي أنهما قالا : الآية كلها في قريش، والمراد يتامى قريش ومساكينها، وقالت فرقة : سهم القرابة بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم موقوف على قرابته، وقد بعثه إليهم عمر بن عبد العزيز إلى بني هاشم وبني المطلب فقط، وقالت فرقة : هو لقرابة الإمام القائم بالأمر، وقال قتادة :
كان سهم ذوي القربى طعمة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما كان حيا، فلما توفي جعل لولي الأمر بعده، وقاله الحسن بن أبي الحسن البصري، وحكى الطبري أيضا عن الحسن أنه قال : اختلف الناس في هذين السهمين بعد وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال قوم : سهم النبي صلى اللّه عليه وسلم للخليفة، وقال قوم : سهم النبي صلى اللّه عليه وسلم لقرابة النبي صلى اللّه عليه وسلم، وقال قوم : سهم القرابة لقرابة الخليفة، فاجتمع رأيهم أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة، فكان على ذلك مدة أبي بكر رضي اللّه عنه، قال غير الحسن وعمر والْيَتامى الذين فقدوا آباءهم من الصبيان، واليتم في بني آدم من قبل الآباء وفي البهائم من قبل الأمهات، وَالْمَساكِينِ الذين لا شيء لهم وهو مأخوذ من السكون وقلة الحراك، وَابْنِ السَّبِيلِ الرجل المجتاز الذي قد احتاج في سفر، وسواء كان غنيّا في بلده أو فقيرا فإنه ابن السبيل يسمى بذلك إما لأن السبيل تبرزه فكأنها تلده، وإما لملازمة السبيل كما قالوا ابن ماء وأخو سفر، ومنه قوله صلى اللّه عليه وسلم :«لا يدخل الجنة ابن زنى» وقد تقدم هذا.
قال القاضي أبو محمد : وقد اقتضبت فقه هذه الآية حسب الاختصار واللّه المستعان.
قال القاضي أبو محمد : وما في قوله أَنَّما غَنِمْتُمْ بمعنى الذي، وفي قوله غَنِمْتُمْ ضمير يعود عليها، وحكي عن الفراء أنه جوز أن تكون «ما» شرطية بتقدير أنه ما، وحذف هذا الضمير لا يجوز عند سيبويه إلا في الشعر، ومنه :
إن من يدخل الكنيسة يوما وقرأ الجمهور «فأن للّه» بفتح الهمزة، وقرأ الجعفي عن أبي بكر عن عاصم وحسين عن أبي عمرو «فإن» بكسر الهمزة، وقرأ الحسن «خمسه» بسكون الميم، وقوله تعالى : إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ الآية، قال الزجّاج عن فرقة : المعنى فاعلموا أن اللّه مولاكم إن كنتم، «فإن» متعلقة بهذا الوعد، وقال أيضا عن فرقة :
إنها متعلقة بقوله وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ.
قال القاضي أبو محمد : وهذا هو الصحيح، لأن قوله وَاعْلَمُوا يتضمن بانقياد وتسليم لأمر اللّه في الغنائم فعلق «أن» بقوله وَاعْلَمُوا على هذا المعنى أي إن كنتم مؤمنين باللّه فانقادوا وسلموا لأمر اللّه فيما أعلمكم به من حال قسمة الغنيمة، وقوله وَما أَنْزَلْنا عطف على قوله بِاللَّهِ والمشار إليه ب ما هو النصر والظهور الذي أنزله اللّه يوم بدر على نبيه وأصحابه، أي إن كنتم مؤمنين باللّه وبهذه الآيات والعظائم الباهرة التي أنزلت يوم بدر، ويحتمل أن تكون الإشارة إلى قرآن نزل يوم بدر أو في قصة يوم بدر على تكره في هذا التأويل الأخير.
قال القاضي أبو محمد : ويحتمل أن يكون المعنى واعلموا أنما غنمتم يوم الفرقان يوم التقى الجمعان فإن خمسه لكذا وكذا إن كنتم آمنتم، أي فانقادوا لذلك وسلموا وهذا تأويل حسن في المعنى،


الصفحة التالية
Icon