المحرر الوجيز، ج ٣، ص : ١٥٢
قال القاضي أبو محمد : و«المستقر» على هذا - مصدر استقر وليس بمفعول كمستودع لأن استقر لا يتعدى. وقوله : فِي كِتابٍ إشارة إلى اللوح المحفوظ. وقال بعض الناس : هذا مجاز وهي إشارة إلى علم اللّه.
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف وحمله على الظاهر أولى.
قوله عز وجل :
[سورة هود (١١) : الآيات ٧ الى ٨]
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٨)
قال أكثر أهل التفسير :«الأيام» هي من أيام الدنيا، وقالت فرقة : هي من أيام الآخرة يوم من ألف سنة. قاله كعب الأحبار، والأول أرجح.
وأجزاء ذكر السماوات عن كل ما فيها إذ كل ذلك خلق في الستة الأيام، واختلفت الأحاديث في يوم بداية الخلق، فروى أبو هريرة - فيما أسند الطبري - أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخذ بيده وقال :
خلق اللّه التربة يوم السبت والجبال يوم الأحد، والشجر يوم الاثنين والمكروه يوم الثلاثاء، والنور يوم الأربعاء، وبث الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة، ونحو هذا من أن البداءة يوم السبت في كتاب مسلم، وفي الدلائل لثابت : وكان خلق آدم في يوم الجمعة، لا يعتد به إذ هو بشر كسائر بنيه، ولو اعتد به لكانت الأيام سبعة خلاف ما في كتاب اللّه، وروي عن كعب الأحبار أنه قال : بدأ اللّه خلق السماوات والأرض يوم الأحد، وفرغ يوم الجمعة، وخلق آدم في آخر ساعة منه. ونحو هذا في جل الدواوين أن البدأة يوم الأحد، وقال قوم : خلق اللّه تعالى هذه المخلوقات في ستة أيام مع قدرته على خلقها في لحظة. نهجا إلى طريق التؤدة والمهلة في الأعمال ليحكم البشر أعمالهم، وروي عن ابن عباس أنه قال : كان العرش على الماء، وكان الماء على الريح.
وقوله تعالى : لِيَبْلُوَكُمْ متعلق ب خَلَقَ والمعنى أن خلقه إياها كان لهذا وقال بعض الناس : هو متعلق بفعل مضمر تقديره أعلم بذلك ليبلوكم، ومقصد هذا القائل : أن هذه المخلوقات لم تكن لسبب البشر.
وقرأ عيسى الثقفي :«و لئن قلت» بضم التاء، وقرأ الجمهور «قلت» بفتح التاء.
ومعنى الآية : أن اللّه عز وجل هذه صفاته وهؤلاء بكفرهم في حيز إن قلت لهم : إنهم مبعوثون كذبوا وقالوا : هذا سحر. أي فهذا تناقض منكم إذ كل مفطور يقر بأن اللّه خالق السماوات والأرض، فهم من