المحرر الوجيز، ج ٣، ص : ٢٢٣
أرى مرّ السنين أخذن منّي كما أخذ السرار من الهلال
ومنه قول الآخر :[الطويل ]
إذا مات منهم سيد قام سيد فذلت له أهل القرى والكنائس
وقول كعب :[الكامل ]
ذلت لوقعتها جميع نزار................
حين أراد بنزار القبيلة، وأمثلة هذا كثير.
وروي أن جماعة من الأعراب التقطت يوسف عليه السّلام : والسَّيَّارَةِ جمع سيار. وهو بناء للمبالغة، وقيل في هذا الْجُبِّ : أنه بئر بيت المقدس. وقيل : غيره : وقيل : لم يكن حيث طرحوه ماء ولكن أخرجه اللّه فيه حتى قصده الناس للاستقاء : وقيل : بل كان فيه ماء كثير يغرق يوسف فنشز حجر من أسفل الجب حتى ثبت عليه يوسف، وروي أنهم رموه بحبل في الجب فتماسك بيديه حتى ربطوا يديه ونزعوا قميصه ورموه حينئذ، وهموا برضخه بالحجارة فمنعهم أخوهم المشير بطرحه من ذلك.
قوله عز وجل :
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ١١ الى ١٥]
قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ (١١) أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (١٢) قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ (١٣) قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥)
الآية الأولى تقتضي أن أباهم قد كان علم منهم إرادتهم الخبيثة في جهة يوسف. وهذه أنهم علموا هم منه بعلمه ذلك.
وقرأ الزهري وأبو جعفر «لا تأمنا» بالإدغام دون إشمام. ورواها الحلواني عن قالون، وقرأ السبعة بالإشمام للضم، وقرأ طلحة بن مصرف «لا تأمننا» وقرأ ابن وثاب والأعمش «لا تيمنا» بكسر تاء العلامة.
وغَداً ظرف أصله : غدو، فلزم اليوم كله، وبقي الغدو والغدوة اسمين لأول النهار، وقال النضر ابن شميل : ما بين الفجر إلى الإسفار يقال فيه غدوة. وبكرة.
وقرأ أبو عمرو وأبو عامر :«نرتع ونلعب» بالنون فيهما وإسكان العين والباء، و«نرتع» - على هذا - من الرتوع وهي الإقامة في الخصب والمرعى في أكل وشرب، ومنه قول الغضبان بن القبعثري : القيد والرتعة وقلة التعتعة. ومنه قول الشاعر :[الوافر]... وبعد عطائك المائة الرتاعا