المحرر الوجيز، ج ٣، ص : ٢٧٥
اللّه لكافر، فبقي أن يتأول الحديث، إما على أن قدر بمعنى ضيق وناقش الحساب، فذلك معنى بين، وإما أن تكون من القدرة، ويقع خطأ في أن ظن في أن الاجتماع بعد السحق والتذرية محال لا يوصف اللّه تعالى بالقدرة عليه فغلط في أن جعل الجائز محالا، ولا يلزمه بهذا كفر. قال النقاش : وقرأ ابن مسعود «من فضل» وقرأ أبي بن كعب :«من رحمة اللّه».
وقوله تعالى : فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ الآية، في هذا الموضع اختصار محذوفات يعطيها الظاهر، وهي :
أنهم نفذوا من الشام إلى مصر ووصلوها والضمير في عَلَيْهِ عائد على يوسف، والضُّرُّ أرادوا به المسغبة التي كانوا بسبيلها وأمر أخيهم الذي أهم أباهم وغم جميعهم، و«البضاعة» : القطعة من المال يقصد بها شراء شيء، ولزمها عرف الفقه فيما لا حظ لحاملها من الربح، وال مُزْجاةٍ معناها المدفوعة المتحيل لها، ومنه إزجاء السحاب، ومنه إزجاء الإبل كما قال الشاعر :
على زواحف تزجى مخهارير وكما قال النابغة :[البسيط]
وهبت الريح من تلقاء ذي أزل تزجى مع الليل من صرّادها صرما
وقال الأعشى :[الكامل ]
الواهب المائة الهجان وعبدها عوذا تزجي خلفها أطفالها
وقال الآخر :
بحاجة غير مزجاة من الحاج وقال حاتم :
ليبك على ملحان ضيف مدفع وأرملة تزجي مع الليل أرملا
فجملة هذا أن من يسوق شيئا ويتلطف في تسييره فقد أزجاه فإذا كانت الدراهم مدفوعة نازلة القدر تحتاج أن يعتذر معها ويشفع لها فهي مزجاة، فقيل : كان ذلك لأنها كانت زيوفا - قاله ابن عباس - وقال الحسن : كانت قليلة، وقيل : كانت ناقصة - قاله ابن جبير - وقيل : كانت بضاعتهم عروضا، فلذلك قالوا هذا.
واختلف في تلك العروض : ما كانت؟ فقيل : كانت السمن والصوف - قاله عبد اللّه بن الحارث - وقال علي بن أبي طالب : كانت قديد وحش - ذكره النقاش - وقال أبو صالح وزيد بن أسلم : كانت الصنوبر والحبة الخضراء.
قال القاضي أبو محمد : وهي الفستق.
وقيل : كانت المقل، وقيل : كانت القطن، وقيل : كانت الحبال والأعدال والأقتاب.
وحكى مكي أن مالكا رحمه اللّه قال : المزجاة : الجائزة.
قال القاضي أبو محمد : ولا أعرف لهذا وجها، والمعنى يأباه. ويحتمل أن صحف على مالك وأن