المحرر الوجيز، ج ٣، ص : ٣٢١
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة إبراهيمهذه السورة مكية إلا آيتين وهي قوله عز وجل : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً [إبراهيم : ٢٨] إلى آخر الآيتين : ذكره مكي والنقاش.
بسم اللّه الرحمن الرحيم، قوله عز وجل :
[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٢) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٣)تقدم القوم في الحروف المقطعة في أوائل السور والاختلاف في ذلك.
وكِتابٌ رفع على خبر ابتداء مضمر تقديره هذا كتاب، وهذا على أكثر الأقوال في الحروف المقطعة، وأما من قال فيها، إنها كناية عن حروف المعجم، ف كِتابٌ مرتفع بقوله : الر أي هذه الحروف كتاب أنزلناه إليك، وقوله : أَنْزَلْناهُ في موضع الصفة للكتاب.
قال القاضي ابن الطيب وأبو المعالي وغيرهما : إن الإنزال لم يتعلق بالكلام القديم الذي هو صفة الذات، لكن بالمعاني التي أفهمها اللّه تعالى جبريل عليه السلام من الكلام.
وقوله : لِتُخْرِجَ أسند الإخراج إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم من حيث له فيه المشاركة بالدعاء والإنذار، وحقيقته إنما هي للّه تعالى بالاختراع والهداية. وفي هذه اللفظة تشريف للنبي عليه السلام.
وعم النَّاسَ إذ هو مبعوث إلى جميع الخلق، ثبت ذلك بآيات القرآن التي اقترن بها ما نقل تواترا من دعوته العالم كله، ومن بعثته إلى الأحمر والأسود علم الصحابة ذلك مشاهدة، ونقل عنهم تواترا، فعلم قطعا والحمد للّه.
واستعير الظُّلُماتِ للكفر، والنُّورِ للإيمان، تشبيها.
وقوله : بِإِذْنِ رَبِّهِمْ، أي بعلمه وقضائه به وتمكينه لهم..