المحرر الوجيز، ج ٣، ص : ٣٤٩

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

سورة الحجر
بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذه السورة مكية.
قوله عز وجل :
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ١ الى ٥]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (٢) ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤)
ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥)
تقدم القول في الحروف المقطعة في أوائل السور. وتِلْكَ يمكن أن تكون إشارة إلى حروف المعجم - بحسب بعض الأقوال - ويمكن أن تكون إشارة إلى الحكم والعبر ونحوها التي تضمنتها آيات التوراة والإنجيل، وعطف القرآن عليه. قال مجاهد وقتادة : الْكِتابِ في الآية، ما نزل من الكتب قبل القرآن، ويحتمل أن يريد ب الْكِتابِ القرآن، ثم تعطف الصفة عليه.
وقرأ نافع وعاصم «ربما» بتخفيف الباء. وقرأ الباقون بشدها، إلا أن أبا عمرو قرأها على الوجهين، وهما لغتان، وروي عن عاصم «ربما» بضم الراء والباء مخففة، وقرأ طلحة بن مصرف «ربتما» بزيادة تاء، وهي لغة. ورُبَما للتقليل وقد تجيء شاذة للتكثير، وقال قوم : إن هذه من ذلك، ومنه : رب رفد هرقته. ومنه :
رب كأس هرقت يا ابن لؤي.
وأنكر الزجاج أن تجيء «رب» للتكثير. و«ما» التي تدخل عليها «رب» قد تكون اسما نكرة بمنزلة شيء، وذلك إذا كان في الضمير عائد عليه، كقول الشاعر :[الخفيف ]
ربما تكره النفوس من الأم ر له فرجة كحل العقال
التقدير : رب شيء، وقد تكون حرفا كافا لرب وموطئا لها لتدخل على الفعل إذ ليس من شأنها أن تدخل إلا على الأسماء، وذلك إذا لم يكن ثم ضمير عائد كقول الشاعر :[جذيمة الأبرش ] [المديد]
ربما أوفيت في علم ترفعن ثوبي شمالات
قال القاضي أبو محمد : وكذلك دخلت «ما» على «من» كافة، في نحو قوله : وكان الرسول صلى اللّه عليه وسلم مما يحرك شفتيه. ونحو قول الشاعر :[الطويل ]
وإنا لمما نضرب الكبش ضربة على رأسه تلقي اللسان من الفم


الصفحة التالية
Icon