المحرر الوجيز، ج ٣، ص : ٣٥٣
وكنت لزاز خصمك لم أعرد وقد سلكوك في يوم عصيب
ومنه قول الآخر [عبد مناف بن ربع الهذلي ] :[البسيط]
حتى إذا سلكوهم في قتايدة شلاكما تطرد الجمالة الشردا
ومنه قول أبي وجزة يصف حمر وحش؟؟؟ :[البسيط]
حتى سلكن الشوى منهن في مسك من نسل جوابة الآفاق مهداج
قال الزجاج : ويقرأ :«نسلكه» بضم النون وكسر اللام، والْمُجْرِمِينَ في هذه الآية يراد بهم كفار قريش ومعاصري محمد صلى اللّه عليه وسلم.
وقوله : لا يُؤْمِنُونَ بِهِ عموم معناه الخصوص فيمن حتم عليه. وقوله وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أي على هذه الوتيرة.
وتقول : سلكت الرجل في الأمر، وأسلكته، بمعنى واحد. ويروى : حتى إذا أسلكوهم في قتايدة البيت.
وقوله : وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ، الضمير في عَلَيْهِمْ عائد على قريش وكفرة العصر المحتوم عليهم.
والضمير في قوله : فَظَلُّوا يحتمل أن يعود عليهم - وهو أبلغ في إصرارهم - وهذا تأويل الحسن :
ويَعْرُجُونَ معناه : يصعدون.
وقرأ الأعمش وأبو حيوة «يعرجون» بكسر الراء، والمعارج الأدراج، ومنه : المعراج، ومنه قول كثير :
[الطويل ].
إلى حسب عود بنى المرء قبله أبوه له فيه معارج سلم
ويحتمل أن يعود على الملائكة [الحجر : ٧] لقولهم : لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ [الحجر : ٧]، فقال اللّه تعالى :«و لو رأوا الملائكة يصعدون ويتصرفون في باب مفتوح في السماء، لما آمنوا» : وهذا تأويل ابن عباس.
وقرأ السبعة سوى ابن كثير :«سكّرت» بضم السين وشد الكاف، وقرأ ابن كثير وحده بتخفيف الكاف، وهي قراءة مجاهد. وقرأ ابن الزهري بفتح السين وتخفيف الكاف، على بناء الفعل لفاعل. وقرأ أبان بن تغلب «سحرت أبصارنا»، ويجيء قوله : بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ انتقالا إلى درجة عظمى من سحر العقل والجملة. وتقول العرب : سكرت الريح تسكر سكورا : إذا ركدت ولم تنفذ لما كانت بسبيله أولا، وتقول سكر الرجل من الشراب سكرا : إذا تغيرت حاله وركد ولم ينفذ فيما للإنسان أن ينفذ فيه، ومن هذا المعنى : سكران لا يبت - أي لا يقطع أمرا، وتقول العرب : سكرت الفتق في مجاري الماء سكرا : إذا طمسته وصرفت الماء عنه، فلم ينفذ لوجهه.
قال القاضي أبو محمد : فهذه اللفظة «سكّرت» - بشد الكاف - إذا كانت من سكر الشراب أو من


الصفحة التالية
Icon