المحرر الوجيز، ج ٣، ص : ٣٥٥
الإسلام وحفظ السماء حفظا تاما. وقال الزجاج : لم يكن إلا بعد النبي عليه السلام، بدليل أن الشعراء لم يشبهوا به في السرعة إلا بعد الإسلام. وذكر الزهراوي عن أبي رجاء العطاردي أنه قال : كنا لا نرى الرجم بالنجوم قبل الإسلام.
ورَجِيمٍ فعيل بمعنى مفعول. فإما من رجم الشهب، وإما من الرجم الذي هو الشتم والذم.
ويقال : تبعت الرجل واتبعته بمعنى واحد. وإِلَّا بمعنى : لكن.
قال القاضي أبو محمد : هذا قول، والظاهر أن الاستثناء من الحفظ، وقال محمد بن يحيى عن أبيه : إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ، فإنها لم تحفظ منه - ذكره الزهراوي.
وقوله تعالى : وَالْأَرْضَ مَدَدْناها روي في الحديث :«أن الأرض كانت تتكفأ بأهلها كما تتكفأ السفينة، فثبتها اللّه بالجبال». يقال : رسا الشيء يرسو : إذا رسخ وثبت.
وقوله : مَوْزُونٍ قال الجمهور : معناه مقدر محرر بقصد وإرادة، فالوزن - على هذا - مستعار.
وقال ابن زيد : المراد ما يوزن حقيقة كالذهب والفضة والفلز كله وغير ذلك مما يوزن.
قال القاضي أبو محمد : الأول أعم وأحسن.
ومَعايِشَ جمع معيشة. وقرأها الأعمش بالهمز وكذلك روى خارجة عن نافع. والوجه ترك الهمز لأن أصل ياء معيشة الحركة. فيردها إلى الأصل الجمع، بخلاف : مدينة ومدائن.
وقوله : وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ يحتمل أن تكون مَنْ في موضع نصب وذلك على ثلاثة أوجه.
أحدها : أن يكون عطفا على مَعايِشَ، كأن اللّه تعالى عدد النعم في المعايش، وهي ما يؤكل ويلبس، ثم عدد النعم في الحيوان والعبيد والصناع وغير ذلك مما ينتفع به الناس وليس عليهم رزقهم.
والوجه الثاني : أن تكون مَنْ معطوفة على موضع الضمير في لَكُمْ وذلك أن التقدير :
وأنعشناكم وأنعشنا أمما غيركم من الحيوان. فكأن الآية - على هذا - فيها اعتبار وعرض آية.
والوجه الثالث : أن تكون مَنْ منصوبة بفعل مضمر يقتضيه الظاهر، تقديره : وأنعشنا من لستم له برازقين.
ويحتمل أن تكون مَنْ في موضع خفض عطفا على الضمير في لَكُمْ وهذا قلق في النحو لأن العطف على الضمير المجرور، وفيه قبح، فكأنه قال : ولمن لستم له برازقين، وأنتم تنتفعون به.
وقوله : وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ قال ابن جريج : وهو المطر خاصة.
قال القاضي أبو محمد : وينبغي أن تكون أعم من هذا في كثير من المخلوقات.
و«الخزائن» المواضع الحاوية، وظاهر هذا أن الماء والريح ونحو ذلك موجود مخلوق، وهو ظاهر في قولهم في الريح : عتت على الخزان وانفتح منها قدر حلقة الخاتم، ولو كان قدر منخر الثور لأهلك الأرض إلى غير هذا من الشواهد. وذهب قوم إلى أن كونها في القدرة هو خزنها، فإذا شاء اللّه أوجدها.


الصفحة التالية
Icon