المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ١٣٩
السماوات سبعا، والأرضين سبعا، وخلق ابن آدم من سبع، وجعل رزقه في سبع، فأراها في ليلة سبع وعشرين، فقال : أعجزكم أن تأتوا بمثل ما أتى به هذا الغلام الذي لم تجتمع شؤون رأسه وهذا الحديث بطوله في مسند ابن أبي شيبة فأراد ابن عباس بقوله خلق ابن آدم من سبع هذه الآية، وبقوله جعل رزقه في سبع قوله فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وَأَبًّا [عبس : ٢٧] الآية السبع منها لابن آدم والأب للأنعام والقضب يأكله ابن آدم ويسمن منه النساء هذا قول، وقيل القضب البقول لأنها تقضب فهي رزق ابن آدم، وقيل القضب والأب للأنعام والستة الباقية لابن آدم والسابعة هي الأنعام إذ هي من أعظم رزق ابن آدم.
قوله عز وجل :
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٥ الى ٢٠]
ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦) وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ (١٧) وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (١٨) فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (١٩)
وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ (٢٠)
ذلِكَ إشارة إلى ما ذكر من هذه الأحوال، وقرأ ابن أبي عبلة «لمايتون» بالألف، وتُبْعَثُونَ معناه من قبوركم أحياء، وهذا خبر بالبعث والنشور، و«الطريق» كل ما كان طبقات بعضه فوق بعض، ومنه طارقت نعلي، ويريد ب «السبع الطرائق» السماوات، ويجوز أن تكون «الطرائق» بمعنى المبسوطات من طرقت الشيء، وقوله تعالى : وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ نفي عام في إتقان خلقهم وعن مصالحهم وعن أعمالهم، وقوله تعالى : ماءً بِقَدَرٍ، قال بعض العلماء أراد المطر، وقال بعضهم إنما أراد الأنهار الأربعة سيحان وجيحان والفرات والنيل، والصواب أن هذا كله داخل تحت الماء الذي أنزله اللّه تعالى، وقال مجاهد : ليس في الأرض ماء إلا وهو من السماء ويمكن أن يقيد هذا بالعذب وإلا فالأجاج ثابت في الأرض مع القحط والعذب يقل مع القحط، وأيضا فالأحاديث تقتضي الماء الذي كان قبل خلق السماوات والأرض، ولا محالة أن اللّه قد جعل في الأرض ماء وأنزل من السماء ماء، وقوله، بِقَدَرٍ، أي على مقدار مصلح لأنه لو كثر أهلك، فَأَنْشَأْنا، معناه فأوجدنا وخلقنا، وذكر تعالى «النخيل والأعناب» لأنها ثمرة الحجاز بالطائف والمدينة وغيرهما قاله الطبري، ولأنهما أيضا أشرف الثمار فذكرها مثالا تشريفا لها وتنبيها عليها، وقوله لَكُمْ فِيها يحتمل أن يعود الضمير على الجنات فيريد حينئذ جميع أنواع الفاكهة، ويحتمل أن يعود على النخيل والأعناب خاصة، إذ فيها مراتب وأنواع والأول أعم لسائر الثمرات، وقوله وَشَجَرَةً عطف على قوله جَنَّاتٍ ويريد بها الزيتونة وهي كثيرة في طُورِ سَيْناءَ من أرض الشام وهو الجبل الذي كلم فيه موسى عليه السلام قاله ابن عباس وغيره، و«الطور» الجبل في كلام العرب وقيل هو مما عرب من كلام العجم واختلف في سَيْناءَ فقال قتادة معناه الحسن ويلزم على هذا التأويل أن ينون «الطور» وقال مجاهد معناه مبارك، و
قال معمر عن فرقة معناه ذو شجر ع ويلزمهم أن ينون «الطور»، وقال