المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٢٤٧
[سورة الشعراء (٢٦) : آية ٢٢٧]
إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧)
هذا الاستثناء هو في شعراء الإسلام كحسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد اللّه بن رواحة وكل من اتصف بهذه الصفة، ويروى عن عطاء بن يسار وغيره أن هؤلاء شق عليهم ما ذكر قبل في الشعراء وذكروا ذلك للنبي عليه السلام فنزلت آية الاستثناء بالمدينة، وقوله وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً يحتمل أن يريد في أشعارهم وهو تأويل ابن زيد، ويحتمل أن يريد أن ذلك خلق لهم وعبادة وعادة قاله ابن عباس، وهذا كما قال لبيد حين طلب منه شعره إن اللّه أبدلني بالشعر القرآن خيرا منه وكل شاعر في الإسلام يهجو ويمدح من غير حق ولا يرتدع عن قول دنيء فهم داخلون في هذه الآية وكل تقي منهم يكثر من الزهد ويمسك عن كل ما يعاب فهو داخل في الاستثناء، وقوله وَانْتَصَرُوا إشارة إلى ما قاله من الشعر علي وغيره في قريش قال قتادة وفي بعض القراءة، «و انتصروا بمثل ما ظلموا»، وباقي الآية وعيد للظلمة كفار مكة وتهديد لهم، وعمل يَنْقَلِبُونَ في أَيَّ لتأخيره.