المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٣٤٥
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة لقمانهذه السورة مكية غير آيتين قال قتادة أولهما : وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ [لقمان : ٢٧] إلى آخر الآيتين، وقال ابن عباس ثلاث آيات أولهن وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ [لقمان : ٢٧].
قوله عز وجل :
[سورة لقمان (٣١) : الآيات ١ الى ٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (٢) هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (٣) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٦)
تقدم القول في الحروف التي في أوائل السور وفي ترتيب تِلْكَ مع كل قول منها، والْحَكِيمِ يصح أن يكون من الحكمة ويصح أن يكون من الحكم، وقرأ جمهور القراء «هدى ورحمة» بالنصب على الحال من المبهم، ولا يصح أن تكون من الْكِتابِ لأنه مضاف إليه، وقرأ حمزة والكسائي «هدى ورحمة» بالرفع على تقدير هو هدى، وخصصه لِلْمُحْسِنِينَ من حيث لهم نفعه وهم نظروه بعين الحقيقة وإلا فهو هدى في نفسه، وفي قراءة ابن مسعود «هدى وبشرى للمؤمنين»، ثم وصف تعالى المحسنين بأنهم الذين عندهم اليقين بالبعث وبكل ما جاء به الرسول، وعندهم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ومن صفتهم ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين سأله جبريل عن الإحسان قال :«أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» الحديث. وقوله تعالى : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ روي أنها نزلت في قرشي اشترى جارية مغنية تغني بهجاء محمد صلى اللّه عليه وسلم وسبه فنزلت الآية في ذلك، وقيل إنه ابن خطل وروي عن أبي أمامة الباهلي بأن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال :«شراء المغنيات وبيعهن حرام» وقرأ هذه الآية، وقال في هذا المعنى أنزلت علي هذه الآية، وبهذا فسر ابن مسعود وابن عباس وجابر بن عبد اللّه ومجاهد، وقال الحسن لَهْوَ الْحَدِيثِ المعازف والغناء، وقال بعض الناس نزلت في النضر بن الحارث لأنه اشترى كتب رستم واسبندياد وكان يخلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيحدثهم بتلك الأباطيل ويقول أنا أحسن حديثا من محمد، وقال قتادة : الشراء في هذه الآية مستعار، وإنما نزلت الآية في أحاديث قريش وتلهيهم بأمر الإسلام وخوضهم في الأباطيل.