المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٣٩
على معنى «لأجل أني» أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ، ونُودِيَ قد توصل بحرف الجر وأنشد أبو علي :
[الكامل ]
ناديت باسم ربيعة بن مكدم ان المنوه باسمه الموثوق
واختلف المتأولون في السبب الذي من أجله أمر بخلع النعلين، فقالت فرقة كانتا من جلد حمار ميت فأمر بطرح النجاسة، وقالت فرقة بل كانت نعلاه من جلد بقرة ذكي لكن أمر بخلعها لينال بركة الوادي المقدس وتمس قدماه تربة الوادي، وتحتمل الآية معنى آخر هو الأليق بها عندي، وذلك أن اللّه تعالى أمره أن يتواضع لعظم الحال التي حصل فيها، والعرف عند الملوك أن تخلع النعلان ويبلغ الإنسان إلى غاية تواضعه، فكأن موسى عليه السلام أمر بذلك على هذا الوجه، ولا نبالي كانت نعلاه من ميتة أو غيرها، والْمُقَدَّسِ معناه المطهر، وطُوىً معناه مرتين مرتين، فقالت فرقة معناه قدس مرتين، وقالت فرقة معناه طويته أنت، أي سرت به، أي طويت لك الأرض مرتين من طيك، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي «طوى» بالتنوين على أنه اسم المكان، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو «طوى» على أنه اسم البقعة دون تنوين، وقرأ هؤلاء كلهم بضم الطاء، وقرأ أبو زيد عن أبي عمرو بكسر الطاء، وقرأت فرقة «طاوي» وقالت فرقة هو اسم الوادي، و«طوى» على التأويل الأول بمنزلة قولهم ثنى وثنى أي مثنيا، وقرأ السبعة غير حمزة «و أنا اخترتك» ويؤيد هذه القراءة تناسبها مع قوله أَنَا رَبُّكَ وفي مصحف أبي بن كعب «و أني اخترتك»، وقرأ حمزة «و أنّا اخترناك» بالجمع وفتح الهمزة وشد النون، والآية على هذا بمنزلة قوله سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ [الإسراء : ١] ثم قال وَآتَيْنا [الإسراء : ٢] فخرج من إفراد إلى جمع، وقرأت فرقة وإنا اخترناك» يكسر الألف.
قال القاضي أبو محمد : وحدثني أبي رضي اللّه عنه قال : سمعت أبا الفضل بن الجوهري يقول : لما قيل لموسى فَاسْتَمِعْ وقف على حجر، واستند إلى حجر، ووضع يمينه على شماله وألقى ذقنه على صدره، ووقف يستمع وكان كل لباسه صوفا. وقرأت فرقة «بالواد المقدس طاوي» وقوله وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي يحتمل أن يريد لتذكيري فيها أو يريد لأذكرك في عليين بها فالمصدر على هذا يحتمل الإضافة إلى الفاعل أو إلى المفعول واللام لام السبب، وقالت فرقة معنى قوله لِذِكْرِي أي عند ذكري إذا ذكرتني وأمري لك بها، فاللام على هذا بمنزلتها في قوله أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الإسراء : ٧٨] وقرأت فرقة «للذكرى»، وقرأت فرقة «لذكرى» بغير تعريف، وقرأت فرقة «للذكر».
قوله عز وجل :
[سورة طه (٢٠) : الآيات ١٥ الى ١٨]
إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (١٦) وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (١٧) قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى (١٨)
في قوله إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ تحذير ووعيد، أي اعبدني فإن عقابي وثوابي بالمرصاد، والسَّاعَةَ في