المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٤٢٨
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة فاطرهذه السورة مكية.
قوله عز وجل :
[سورة فاطر (٣٥) : الآيات ١ الى ٥]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢) يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤)يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٥)
الألف واللام في الْحَمْدُ لاستغراق الجنس على أتم عموم، لأن الْحَمْدُ بالإطلاق على الأفعال الشريفة والكمال هو للّه تعالى والشكر مستغرق فيه لأنه فصل من فصوله، وفاطِرِ معناه خالق لكن يزيد في المعنى الانفراد بالابتداء لخلقها، ومنه قول الأعرابي المتخاصم في البئر عند ابن عباس : أنا فطرتها، أراد بدأت حفرها. قال ابن عباس ما كنت أفهم معنى فاطِرِ حتى سمعت قول الأعرابي، وقرأ الجمهور «الحمد للّه فطر»، وقرأ جمهور الناس «جاعل» بالخفض، وقرأت فرقة «جاعل» بالرفع على قطع الصفة، وقرأ خليد بن نشيط «جعل» على صيغة الماضي «الملائكة» نصبا، فأما على هذه القراءة الأخيرة فنصب قوله رُسُلًا على المفعول الثاني، وأما على القراءتين المتقدمتين فقيل أراد ب «جاعل» الاستقبال لأن القضاء في الأزل وحذف التنوين تخفيفا وعمل عمل المستقبل في رُسُلًا، وقالت فرقة جاعِلِ بمعنى المضي ورُسُلًا نصب بإضمار فعل، ورُسُلًا معناه بالوحي وغير ذلك من أوامره، فجبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل رسل، والملائكة المتعاقبون رسل، والمسددون لحكام العدل رسل وغير ذلك، وقرأ الحسن «رسلا» بسكون السين، وأُولِي جمع واحده ذو، تقول ذو نهية والقوم أولو نهي، وروي عن الحسن أنه قال في تفسير قول مريم إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
[مريم : ١٨] قال علمت مريم أن التقي ذو نهية، وقوله مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ألفاظ معدولة من اثنين وثلاثة وأربعة عدلت في حال التنكير فتعرفت بالعدل، فهي لا تنصرف للعدل والتعريف، وقيل للعدل والصفة، وفائدة العدل الدلالة على التكرار