المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٤٤٥
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة يسهذه السورة مكية بإجماع إلا أن فرقة قالت إن قوله، وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ [يس : ١٢] نزلت في بني سلمة من الأنصار حين أرادوا أن يتركوا ديارهم وينتقلوا إلى جوار مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال لهم :«دياركم تكتب آثاركم»، وكره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يعروا المدينة، وعلى هذا فالآية مدنية وليس الأمر كذلك، وإنما نزلت الآية بمكة ولكنه احتج بها عليهم في المدينة ووافقها قول النبي صلى اللّه عليه وسلم في المعنى، فمن هنا قال من قال إنها نزلت في بني سلمة، وروى أنس بن مالك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال :«إن لكل شيء قلبا وإن قلب القرآن يس»، وروت عائشة رضي اللّه عنها أنه عليه السلام قال :«إن في القرآن سورة يشفع قارئها ويغفر لمستمعها وهي يس»، وقال يحيى بن أبي كثير : من قرأ سورة يس ليلا لم يزل في فرح حتى يصبح ويصدق ذلك التجربة.
قوله عز وجل :
[سورة يس (٣٦) : الآيات ١ الى ٥]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤)تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥)
أمال حمزة والكسائي الياء في يس غير مفرطين والجمهور يفتحونها ونافع وسط في ذلك، وقوله تعالى : يس يدخل فيه من الأقوال ما تقدم في الحروف المقطعة في أوائل السور، ويختص هذا بأقوال، منها أن سعيد بن جبير قال : إنه اسم من أسماء محمد صلى اللّه عليه وسلم دليله إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ وقال السيد الحميري :
يا نفس لا تمحضي بالنصح جاهدة على المودة إلا آل ياسينا
وقال ابن عباس : معناه يا إنسان بلسان الحبشة، وقال أيضا ابن عباس في كتاب الثعلبي : هو بلغة طيّىء وذلك أنهم يقولون يا إيسان بمعنى إنسان ويجمعونه على أياسين فهذا منه، وقالت فرقة :«يا» حرف نداء، والسين مقامة مقام الإنسان انتزع منه حرف فأقيم مقامه، ومن قال إنه اسم من أسماء السورة أو من أسماء القرآن فذلك من الأقوال المشتركة في أوائل جميع السور، وقرأ جمهور القراء يس و«نون» [القلم : ١] بسكون النون وإظهارها وإن كانت النون ساكنة تخفى مع الحروف فإنما هذا مع الانفصال، وإن حق هذه الحروف المقطعة في الأوائل أن تظهر، وقرأ عاصم وابن عامر بخلاف عنهما يس وَالْقُرْآنِ