المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٤٥٧
حركة التاء دون نقل ثم أدغمت في الصاد، وقرأ عاصم والكسائي وابن عامر ونافع أيضا والحسن وأبو عمرو بخلاف عنه «يخصّمون» بفتح الياء وكسر الخاء وشد الصاد المكسورة أصلها يختصمون عللت كالتي قبلها، ثم كسرت للالتقاء، وقرأت فرقة «يخصّمون» بكسر الياء والخاء وشد الصاد المكسورة عللت كالتي قبلها ثم أتبعت كسرة الخاء كسرة الياء، وفي مصحف أبي بن كعب «يختصمون» ومعنى هذه القراءات كلها أنهم يتحاورون ويتراجعون الأقوال بينهم ويتدافعون في شؤونهم، وقرأ حمزة «يختصمون» وهذه تحتمل معنيين أحدهما المذكور في القراءات أي يخصم بعضهم بعضا في شؤونهم والمعنى الثاني يخصمون أهل الحق في زعمهم وظنهم، كأنه قال تأخذهم الصيحة وهم يظنون بأنفسهم أنهم قد خصموا وغللوا لأنك تقول خاصمت فلانا فخصمته إذا غلبته، وقوله تعالى : فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً عبارة عن إعجال الحال، والتوصية مصدر من وصى، وقوله تعالى : وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ يحتمل ثلاث تأويلات : أحدها ولا يرجع أحد إلى منزله وأهله لإعجال الأمر بل تفيض نفسه حيثما أخذته الصيحة، والثاني معناه وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ قولا وهذا أبلغ في الاستعجال وخص الأهل بالذكر لأن القول معهم في ذلك الوقت أهم على الإنسان من الأجنبيين وأوكد في نفوس البشر، والثالث تقديره وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ أبدا، فخرج هذا عن معنى وصف الاستعجال إلى معنى ذكر انقطاعهم وانبتارهم من دنياهم، وقرأ الجمهور «يرجعون» بفتح الياء وكسر الجيم، وقرأ ابن محيصن بضم الياء وفتح الجيم.
قوله عز وجل :
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٥١ الى ٥٤]
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٥٣) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤)
هذه نفخة البعث، والصُّورِ القرن في قول جماعة المفسرين وبذلك تواترت الأحاديث، وذهب أبو عبيدة إلى أن الصُّورِ جمع صورة خرج مخرج بسر وبسرة وكذلك قال سورة البناء جمعها سور، والمعنى عنده وعند من قال بقوله نفخ في صور بني آدم فعادوا أحياء، والْأَجْداثِ القبور، وقرأ الأعرج «في الصّور» بفتح الواو جمع صورة، ويَنْسِلُونَ معناه يمشون بسرعة، والنسلان مشية الذئب، ومنه قول الشاعر :
عسلان الذيب أمسى قاربا برد الليل عليه فنسل
وقال ابن عباس : يَنْسِلُونَ يخرجون، وقرأ جمهور الناس «ينسلون» بكسر السين، وقرأ ابن أبي إسحاق وأبو عمرو أيضا «ينسلون» بضمها، ونداؤهم الويل بمعنى هذا وقتك وأوان حضورك وهو منادى مضاف، ويحتمل أن يكون نصب الويل على المصدر والمنادى محذوف، كأنهم قالوا يا قومنا ويلنا، وقرأ ابن أبي ليلى «يا ويلتنا» بتاء التأنيث، وقرأ الجمهور «من بعثنا» بفتح الميم على معنى الاستفهام، وروي


الصفحة التالية
Icon