المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٤٨١
أن ذلك على البراق وذكر القصة عن ابن إسحاق، وفيها ذكر البراق كما سمعت أبي يحكي وذكر الطبري أن ابن عباس قال : الذبيح إسماعيل، وتزعم اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود وذكر أيضا أن عمر بن عبد العزيز سأل رجلا يهوديا كان أسلم وحسن إسلامه فقال : الذبيح إسماعيل، وإن اليهود تعلم ذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب أن تكون هذه الآية والفضل واللّه في أبيكم. والسَّعْيَ في هذه الآية العمل والعبادة والمعونة، هذا قول ابن عباس ومجاهد وابن زيد، وقال قتادة السَّعْيَ على القدم يريد سعيا متمكنا وهذا في المعنى نحو الأول، وقرأ الضحاك «معه السعي وأسر في نفسه حزنا» قال وهكذا في حرف ابن مسعود وهي قراءة الأعمش، قوله إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ يحتمل أن يكون رأى ذلك بعينه ورؤيا الأنبياء وحي، وعين له وقت الامتثال، ويحتمل أن أمر في نومه بذبحه فعبر هو عن ذلك أي «إني رأيت في المنام» ما يوجب أن أَذْبَحُكَ، وقرأ جمهور الناس «ماذا ترى» بفتح والراء، وقرأ حمزة والكسائي «تري» بضم التاء وكسر الراء، على معنى ما يظهر منك من جلد أو جزع، وهي قراءة ابن مسعود والأسود بن يزيد وابن وثاب وطلحة والأعمش ومجاهد، وقرأ الأعمش والضحاك «ترى» بضم التاء وفتح الراء على بناء الفعل للمفعول، فأما الأولى فهي من رؤية الرأي، وهي رؤية تتعدى إلى مفعول واحد، وهو في هذه الآية إما ماذا، بجملتها على أن تجعل «ما» و«ذا» بمنزلة اسم واحد، وإما «ذا» على أن تجعله بمعنى الذي، وتكون «ما» استفهاما وتكون الهاء محذوفة من الصلة، وأما القراءة الثانية فيكون تقدير مفعولها كما مر في هذه، غير أن الفعل فيها منقول من رأى زيد الشيء وأريته إياه، إلا أنه من باب أعطيت فيجوز أن يقتصر على أحد المفعولين، وأما القراءة الثانية فقد ضعفها أبو علي وتتجه على تحامل، وفي مصحف عبد اللّه بن مسعود «افعل ما أمرت به».
قوله عز وجل :
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٣١٠ الى ١١١]
فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧)
وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ (١٠٩) كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١١٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١١١)
قرأ جمهور الناس «أسلما» أي أنفسهما واستسلما للّه تعالى، وقرأ علي وعبد اللّه وابن عباس ومجاهد والثوري «سلما» والمعنى فوضا إليه في قضائه وقدره وانحملا على أمره، فأسلم إبراهيم ابنه وأسلم الابن نفسه واختلف النحاة في جواب «لما»، فقال الكوفيون الجواب نادَيْناهُ، والواو زائدة، وقالت فرقة الجواب وَتَلَّهُ والواو زائدة كزيادتها في قوله : وَفُتِحَتِ السَّماءُ [النبأ : ١٩] وقال البصريون : الجواب محذوف تقديره «فلما أسلم وتله»، وهذا قول الخليل وسيبويه، وهو عندهم كقول امرئ القيس :
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى بنا بطن حقف ذي ركام عقنقل
التقدير فلما أجزنا ساحة الحي أجزنا وانتحى، وقال بعض البصريين : الجواب محذوف وتقديره فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ أجزل أجرهما أو نحو هذا مما يقتضيه المعنى، وَتَلَّهُ وضعه بقوة ومنه الحديث في