المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٤٩٢
وقال قتادة والطبري : الجواب مقدر قبل بل، وهذا هو الصحيح، تقديره : والقرآن ما الأمر كما يزعمون، ونحو هذا من التقدير فتدبره. وحكى الزجاج عن قوم أن الجواب قوله : كَمْ أَهْلَكْنا وهذا متكلف جدا. والعزة هنا : المعازة والمغالبة. والشقاق : نحوه أي هم في شق، والحق في شق. و: كَمْ للتكثير، وهي خبر فيه مثال ووعيد، وهي في موضع نصب ب أَهْلَكْنا. والقرن الأمة من الناس يجمعها زمن أحد، وقد تقدم تحريره مرارا.
وقوله : فَنادَوْا معناه : مستغيثين، والمعنى أنهم فعلوا ذلك بعد المعاينة فلم ينفع ذلك، ولم يكن في وقت نفع. وَلاتَ بمعنى : ليس، واسمها مقدر عند سيبويه، تقديره ولات الحين حين مناص، وهي : لا (لحقتها : تاء، كما تقول) ربت وثمت. قال الزجاج : وهي كتاء جلست وقامت، تاء الحروف كتاء الأفعال دخلت على ما لا يعرب في الوجهين، ولا تستعمل «لا» مع التاء إلا في الحين والزمان والوقت ونحوه، فمن ذلك قول الشاعر [محمد بن عيسى بن طلحة] :[الكامل ] لات ساعة مندم وقال الآخر :[الوافر]
تذكر حب ليلى لات حينا وأضحى الشيب قد قطع القرينا
وأنشد بعضهم في هذا المعنى :[الخفيف ]
طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء
وأنشد الزجاج بكسر التاء، وهذا كثير، قراءة الجمهور : فتح التاء من :«لات» والنون من :«حين» وروي عن عيسى كسر التاء من :«لات» ونصب النون. وروي عنه أيضا :«حين» بكسر النون، واختلفوا في الوقف على : لاتَ فذكر الزجاج أن الوقف بالتاء، ووقف الكسائي بالهاء، ووقف قوم واختاره أبو عبيد على «لا»، وجعلوا التاء موصولة ب حِينَ، فقالوا «لا تحين». وذكر أبو عبيد أنها كذلك في مصحف عثمان بن عفان رضي اللّه عنه، ويحتج لهذا بقول أبي وجزة :[الكامل ]
العاطفون تحين ما من عاطف والمطعمون زمان ما من مطعم
يمدح آل الزبير. وقرأ بعض الناس :«لات حين» برفع النون من : حِينَ على إضمار الخبر.
والمناص : المفر، ناص ينوص، إذا فات وفر، قال ابن عباس : المعنى ليس بحين نزو ولا فرار ضبط القوم. والضمير في : عَجِبُوا لكفار قريش، واستغربوا أن نبىء بشر منهم فأنذرهم، وأن وحد إلها، وقالوا : كيف يكون إله واحد يرزق الجميع وينظر في كل أمرهم؟ و: عُجابٌ بناء مبالغة، كما قالوا سريع وسراع، وهذا كثير.
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وعيسى بن عمر :«عجّاب» بشد الجيم، ونحوه قول الراجز :[الرجز]
جاؤوا بصيد عجب من العجب أزيد والعينين طوال الذنب


الصفحة التالية
Icon