المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٥٣٨
أَنْ في هذه الآية مفعول من أجله أي أنيبوا وأسلموا من أجل أن تقول.
وقرأ جمهور الناس :«يا حسرتي» والأصل «يا حسرتي»، ومن العرب من يرد ياء الإضافة ألفا فيقول :
يا غلاما ويا جارا. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع :«يا حسرتاي» بفتح الياء، ورويت عنه بسكون الياء، قال أبو الفتح : جمع بين العوض والمعوض منه. وروى ابن جماز عن أبي جعفر :«يا حسرتي» بكسر التاء وسكون الياء. قال سيبويه : ومعنى نداء الحسرة والويل، أي هذا وقتك وزمانك فاحضري. و: فَرَّطْتُ معناه :
قصرت في اللازم.
وقوله تعالى : فِي جَنْبِ اللَّهِ معناه : في مقاصدي إلى اللّه وفي جهة طاعته، أي في تضييع شريعته والإيمان به. والجنب : يعبر به عن هذا ونحوه. ومنه قول الشاعر :[الطويل ]
أفي جنب بكر قطعتني ملامة لعمري لقد طالت ملامتها بيا
ومنه قول الآخر :
الناس جنب والأمير جنب وقال مجاهد : فِي جَنْبِ اللَّهِ أي في أمر اللّه. وقول الكافر : وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ندامة على استهزائه بأمر اللّه تعالى. والسخر : الاستهزاء.
وقوله : أَوْ تَقُولَ في الموضعين عطف على قوله : أَنْ تَقُولَ الأول. و: كَرَّةً مصدر من كر يكر. وقوله : فَأَكُونَ نصب بأن مضمرة مقدرة، وهو عطف على قول : كَرَّةً والمراد : لو أن لي كرة فكونا، فلذلك احتيج إلى : ليكون مع الفعل بتأويل المصدر، ونحوه قول الشاعر أنشده الفراء :[الطويل ]
فما لك منها غير ذكرى وحسبة وتسأل عن ركبانها أين يمموا
وقد قرر بعض الناس الكلام : أنه لي أن أكر فأكون، ذكره الطبري، وهذا الكون في هذه الآية داخل في التمني.
وقوله : بَلى جواب لنفي مقدر في قوله : هذه النفس كأنها قالت : فعمري في الدنيا لم يتسع للنظر، أو قالت : فإني لم يتبين لي الأمر في الدنيا ونحو هذا، وحق بَلى أن تجيء بعد نفي عليه تقرير، وقرأ جمهور الناس «جاءتك» بفتح الكاف، وبفتح التاء من قوله :«فكذبت» و«استكبرت وكنت» على مخاطبة الكافر ذي النفس. وقرأ ابن يعمر والجحدري بكسر الكاف والتاء في الثلاثة على خطاب النفس المذكورة. قال أبو حاتم : روتها أم سلمة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم. وقرأ الأعمش :«بلى قد جاءته» بالهاء.