المحرر الوجيز، ج ٤، ص : ٥٤٤
لا واحد لقوله : حَافِّينَ لأن الواحد لا يكون حافا، إذ الحفوف الإحداق بالشيء، وهذه اللفظة مأخوذة من الحفاف وهو الجانب، ومنه قول الشاعر [ابن هرمة] :[الطويل ]
له لحظات عن حفافي سريره إذا كرها فيها عقاب ونائل
أي عن جانبيه. وقالت فرقة : مِنْ في قوله : مِنْ حَوْلِ زائدة، والصواب أنها لابتداء الغاية.
وقوله : يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ قالت فرقة : معناه : أن تسبيحهم يتأتى بحمد اللّه وفضله. وقالت فرقة : تسبيحهم هو بترديد حمد اللّه وتكراره. قال الثعلبي : متلذذين لا متعبدين ولا مكلفين.
وقوله : وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ختم للأمر، وقول جزم عند فصل القضاء، أي إن هذا الحاكم العدل ينبغي أن يحمد عند نفوذ حكمه وإكمال قضائه، ومن هذه الآية جعلت الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ خاتمة المجالس والمجتمعات في العلم. وقال قتادة : فتح اللّه أول الخلق بالحمد، فقال :
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ [الأنعام : ١] وختم القيامة بالحمد في هذه الآية.
قال القاضي أبو محمد : وجعل اللّه الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [الفاتحة : ١] فاتحة كتابه، فبه يبدأ كل أمر وبه يختم، وحمد اللّه تعالى وتقديسه ينبغي أن يكون من المؤمن كما قال الشاعر :[الطويل ]
وآخر شيء أنت في كل ضجعة وأول شيء أنت عند هبوبي