المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ١٣٨
مرفوعا. والعامل في قوله : إِذْ جَعَلَ قوله : لَعَذَّبْنَا ويحتمل أن يكون المعنى : أذكر إذ جعلنا.
و: الْحَمِيَّةَ التي جعلوها هي حمية أهل مكة في الصد، قال الزهري : وحمية سهيل ومن شاهد عقد الصلح في أن منعوا أن يكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم، ولجوا حتى كتب باسمك اللهم، وكذلك منعوا أن يثبت : هذا ما قاضى عليه محمد رسول اللّه. ولجوا حتى قال صلى اللّه عليه وسلم لعلي : امح واكتب :
هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد اللّه الحديث وجعلها تعالى «حمية جاهلية»، لأنها كانت بغير حجة وفي غير موضعها، لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لو جاءهم محاربا لعذرهم في حميتهم، وإنما جاء معظما للبيت لا يريد حربا، فكانت حميتهم جاهلية صرفا. والسكينة هي الطمأنينة إلى أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والثقة بوعد اللّه والطاعة وزوال الأنفة التي لحقت عمر وغيره.
و: كَلِمَةَ التَّقْوى قال الجمهور : هي لا إله إلا اللّه، وروي ذلك عن النبي صلى اللّه عليه وسلم.
وقال عطاء بن أبي رباح : هي لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وقال أبو هريرة وعطاء الخراساني : هي لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه. وقال علي بن أبي طالب :
هي لا إله إلا اللّه واللّه أكبر، وحكاه الثعلبي عن ابن عمر.
قال القاضي أبو محمد : وهذه كلها أقوال متقاربة حسان، لأن هذه الكلمة تقي النار، فهي كَلِمَةَ التَّقْوى.
وقال الزهري عن المسور ومروان : كَلِمَةَ التَّقْوى المشار إليها هي بسم اللّه الرحمن الرحيم وهي التي أباها كفار قريش، فألزمها اللّه المؤمنين وجعلهم أَحَقَّ بِها قال القاضي أبو محمد : ولا إله إلا اللّه أحق باسم : كَلِمَةَ التَّقْوى. من : بسم اللّه الرحمن الرحيم.
وفي مصحف ابن مسعود :«و كانوا أهلها وأحق بها». والمعنى : كانوا أهلها على الإطلاق في علم اللّه وسابق قضائه لهم، وقيل أَحَقَّ بِها من اليهود والنصارى في الدنيا، وقيل أهلها في الآخرة بالثواب.
وقوله تعالى : وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً إشارة إلى علمه بالمؤمنين الذين دفع عن كفار قريش بسببهم وإلى علمه بوجه المصلحة في صلح الحديبية، فيروى أنه لما انعقد، أمن الناس في تلك المدة الحرب والفتنة، وامتزجوا، وعلت دعوة الإسلام، وانقاد إليه كل من كان له فهم من العرب، وزاد عدد الإسلام أضعاف ما كان قبل ذلك.
قال القاضي أبو محمد : ويقتضي ذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان في عام الحديبية في أربع عشرة مائة، ثم سار إلى مكة بعد ذلك بعامين في عشرة آلاف فارس صلى اللّه عليه وسلم.
قوله عز وجل :


الصفحة التالية
Icon