المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ١٨٦
وكتب بعض الناس، «مصطورا» بالصاد. والقصد بذلك تشابه النطق بالحروف، والجمهور على السين. والرق : الورق المعدة للكتب وهي مرققة فلذلك سميت رقا، وقد غلب الاستعمال على هذا الذي هو من جلود الحيوان. والمنشور : خلاف المطوي، وقد يحتمل أن يكون نشره بمعنى بشره وترقيقه وصنعته. وقرأ أبو السمال :«في رق» بكسر الراء.
واختلف الناس في الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فقال الحسن بن أبي الحسن البصري : هي الكعبة. وقال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه وابن عباس وعكرمة : هو بيت في السماء يقال له الضراح، وهو بحيال الكعبة، ويقال الضريح، ذكر ذلك الطبري وهو الذي ذكر في حديث الإسراء. قال جبريل عليه السلام :
هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه آخر ما عليهم وبهذا عمارته. ويروى أنه في السماء السابعة. وقيل في السادسة وقيل إنه مقابل الكعبة لو خر لسقط عليها. وقال مجاهد وقتادة وابن زيد : في كل سماء بيت معمور، وفي كل أرض كذلك. وهي كلها على خط مع الكعبة. وقال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه : وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ : السماء وَالسَّقْفِ طول في انحناء، ومنه أسقف النصارى، ومنه السقف، لأن الجدار وسقفه فيهما طول في انحناء.
واختلف الناس في معنى : الْمَسْجُورِ فقال مجاهد وشمر بن عطية معناه : الموقد نارا. وروي أن البحر هو جهنم. وقال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ليهودي : أين جهنم؟ فقال هي البحر، فقال علي :
ما أظنه إلا صادقا، وقرأ : وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، ومنه ما روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم «أن البحر طبق جهنم». قال الثعلبي : وروي أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال :«لا يركبن البحر إلا حاج أو معتمر أو مجاهد فإن تحت البحر نارا».
وفي حديث آخر :«فإن البحر نار في نار». وقال قتادة : الْمَسْجُورِ المملوء. وهذا معروف في اللغة. ورجحه الطبري بوجود نار البحر كذلك، وإلى هذا يعود القول الأول لأن قولهم : سجرت التنور معناه : ملأتها بما يحترق ويتقد و: الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ المملوء ماء، وهكذا هو معرض للعبرة، ومن هذا قول النمر بن تولب :[المتقارب ]
إذا شاء طالع مسجورة ترى حولها النبع والسماسما
سقتها رواعد من صي ف وإن من خريف فلن يعدما
يصف ثورا أو عينا مملوءة ماء، وقال ابن عباس : هو الذي ذهب ماؤه ف الْمَسْجُورِ : الفارغ، ويروى أن البحار يذهب ماؤها يوم القيامة وقيل يوقد البحر نارا يوم القيامة فذلك هو سجره. وقال ابن عباس أيضا : الْمَسْجُورِ : المحبوس، ومنه ساجور الكلب : وهو القلادة من عود أو حديد التي تمسكه، وكذلك لو لا أن البحر يمسك لفاض على الأرض. وقال علي بن أبي طالب أيضا وعبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما : البحر المقسم به هو في السماء تحت العرش، والجمهور على أنه بحر الدنيا، ويؤيد ذلك قوله تعالى : وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ [التكوير : ٦].


الصفحة التالية
Icon