المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ١٩٤
واختلف الناس في اليوم الذي توعدوا به، فقال بعض المتأولين : هو موتهم واحدا واحدا وهذا على تجوز، والصعق : التعذب في الجملة وإن كان الاستعمال قد كثر فيه فيما يصيب الإنسان من الصيحة المفرطة ونحوه. ويحتمل أن يكون اليوم الذي توعدوا به يوم بدر، لأنهم عذبوا فيه، وقال الجمهور : التوعد بيوم القيامة، لأن فيه صعقة تعم جميع الخلائق، لكن لا محالة أن بين صعقة المؤمن وصعقة الكافر فرقا.
وقرأ جمهور القراء :«يصعقون» من صعق الرجل بكسر العين. وقرأ أبو عبد الرحمن :«يصعقون» بفتح الياء وكسر العين. وقرأ عاصم وابن عامر وأهل مكة في قول شبل :«يصعقون» بضم الياء، وذلك من أصعق الرجل غيره. وحكى الأخفش : صعق الرجل بضم الصاد وكسر العين.
قال أبو علي : فجائز أن يكون منه فهو مثل يضربون، قال أبو حاتم : وفتح أهل مكة الياء في قول إسماعيل. و: يُغْنِي يكون منه غناء ودفاع.
ثم أخبر تعالى بأنهم لهم دون هذا اليوم، أي قبله عذاب، واختلف الناس في تعيينه، فقال ابن عباس وغيره : هو بدر والفتح ونحوه. وقال مجاهد : هو الجوع الذي أصاب قريشا. وقال البراء بن عازب وابن عباس أيضا : هو عذاب القبر، ونزع ابن عباس وجود عذاب القبر بهذه الآية. وقال ابن زيد : هو مصائب الدنيا في الأجسام وفي الأحبة وفي الأموال، هي للمؤمنين رحمة وللكافرين عذاب، وفي قراءة ابن مسعود :
دون ذلك قريبا وَلكِنَّ لا يَعْلَمُونَ. ثم أمر تعالى نبيه بالصبر لحكم اللّه والمضي على نذارته ووعده بقوله : فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا، ومعناه بإدراكنا وأعين حفظنا وحيطتنا كما تقول : فلان يرعاه الملك بعين، وهذه الآية ينبغي أن يقررها كل مؤمن في نفسه، فإنها تفسح مضايق الدنيا. وقرأ أبو السمال :«بأعينا» بنون واحدة مشددة.
واختلف الناس في قوله : وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ فقال أبو الأحوص عوف بن مالك : هو التسبيح المعروف، أن يقول في كل قيام له سبحان اللّه وبحمده. وقال عطاء : المعنى : حين تقوم من كل مجلس.
وقال ابن زيد : التسبيح هنا هو صلاة النوافل. وقال الضحاك وابن زيد : هذه إشارات إلى الصلاة المفروضة ف حِينَ تَقُومُ : الظهر والعصر، أي حِينَ تَقُومُ من نوم القائلة. وَمِنَ اللَّيْلِ المغرب والعشاء. وَإِدْبارَ النُّجُومِ الصبح. ومن قال هي النوافل جعل إدبارهم النُّجُومِ : ركعتي الفجر، وعلى هذا القول جماعة كثيرة، منهم عمر وعلي بن أبي طالب وأبو هريرة والحسن رضي اللّه عنهم. وقد روي مرفوعا ومن جعله التسبيح المعروف، جعل قوله : حِينَ تَقُومُ مثالا، أي حين تقوم وحين تقعد وفي كل تصرفك. وحكى منذر عن الضحاك أن المعنى : حِينَ تَقُومُ في الصلاة بعد تكبيرة الإحرام فقل.
«سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، الحديث».
وقرأ سالم بن أبي الجعد ويعقوب :«و أدبار» بفتح الهمزة بمعنى : وأعقاب، ومنه قول الشاعر [قيس بن الملوح ] :[الطويل ]
فأصبحت من ليلى الغداة كناظر مع الصبح في أعقاب نجم مغرب
وقرأ جمهور الناس :«و إدبار» بكسر الهمزة.


الصفحة التالية
Icon