المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٢٠٨
وقال مجاهد معناه : أغنى وأرضى. وقال حضرمي معناه : أغنى عن نفسه وَأَقْنى أفقر عباده إليه. وقال الأخفش : أَقْنى أفقر، وهذه عبارات لا تقتضيها اللفظة، والوجه فيها بحسب اللغة أكسب ما يقتني.
وقال ابن عباس : أَقْنى قنع. والقناعة خير قنية، والغنى عرض زائل، فلله در ابن عباس.
و: الشِّعْرى نجم في السماء، قال مجاهد وابن زيد : هو من زمر الجوزاء وهما شعريان، إحداهما :
الغميصاء، والأخرى العبور، لأنها عبرت المجرة، وكانت خزاعة ممن يعبد هذه الشِّعْرى، ومنهم أبو كبشة، ذكره الزهراوي واسمه عبد العزى، فلذلك خصت بالذكر، أي وهو رب هذا المعبود الذي لكم.
وعاد : هم قوم هود، واختلف في معنى وصفها ب الْأُولى، فقال ابن زيد والجمهور : ذلك لأنها في وجه الدهر وقديمه، فهي أولى بالإضافة إلى الأمم المتأخرة، وقال الطبري : سميت أولى، لأن ثم عادا أخيرة وهي قبيلة كانت بمكة مع العماليق وهم بنو لقيم بن هزال.
قال القاضي أبو محمد : والقول الأول أبين، لأن هذا الأخير لم يصح. وقال المبرد عادا الأخيرة هي ثمود، والدليل قول زهير :[الطويل ] كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم ذكره الزهراوي، وقيل الأخيرة : الجبارون.
وقرأ ابن كثير وعاصم، وابن عامر وحمزة، والكسائي «عاد الأولى» منونة وبهمز. وقرأ نافع فيما روي عنه :«عادا الأولى» بإزالة التنوين والهمز. وهذا كقراءة من قرأ «أحد اللّه» وكقول الشاعر [أبو الأسود الدؤلي ] :[المتقارب ] ولا ذاكر اللّه إلا قليلا وقرأ قوم : عاداً الْأُولى والنطق بها «عادن الأولى». واجتمع سكون نون التنوين وسكون لام التعريف فكسرت النون للالتقاء، ولا فرق بينهما وبين قراءة الجمهور ولا ترك الهمز. وقرأ نافع أيضا وأبو عمرو بالوصل والإدغام «عاد الولي» بإدغام النون في اللام ونقل حركة الهمزة إلى اللام. وعاب أبو عثمان المازني والمبرد هذه القراءة، وقال : إن هذا النقل لا يخرج اللام عن حد السكون وحذف ألف الوصل أن تبقى كما تقول العرب إذا نقلت الهمزة من قولهم الأحمر فإنهم يقولون الحمر جاء فكذلك يقال هاهنا «عادا الولي»، قال أبو علي : والقراءة سائغة، وأيضا فمن العرب من يقول : لحمر جاء فيحذف الألف مع النقل ويعتد بحركة اللام ولا يراها في حكم السكون، وقرأ نافع فيما روي عنه «عادا الأولى» بهمز الواو، ووجه ذلك أنه لما لم يكن بين الواو والضمة حائل تخيل الضمة عليها فهمزها كما تهمز الواو المضمومة، وكذلك فعل من قرأ :«على سؤقه»، وكما قال الشاعر [جرير] :[الوافر] لحبّ المؤقدان إلى موسى وهي لغة. وقرأ الجمهور :«و ثمودا» بالنصب عطفا على عاد. وقرأ عاصم وحمزة والحسن وعصمة «و ثمود» بغير صرف، وهي في مصحف ابن مسعود بغير ألف بعد الدال.