المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٢١٧
قوله :«ألا وقول الزور، ألا وقول الزور، ألا وقول الزور». وكان صلى اللّه عليه وسلم إذا سلم على قوم سلم عليهم ثلاثا، فهذا كله نحو واحد وإن تنوع، و: ثَمُودُ قبيلة صالح عليه السلام وهم أهل الحجر.
وقرأ الجمهور :«أبشرا منا واحدا» ونصب قوله «بشرا» بإضمار «فهل» يدل عليه قوله : نَتَّبِعُهُ، و: «واحدا» نعت ل «بشر». وقرأ أبو السمال :«أبشر منا واحدا نتبعه» ورفعه إما على إضمار فعل مبني للمفعول، التقدير : أينبأ بشر، وإما على الابتداء والخبر في قوله نَتَّبِعُهُ و: «واحدا» على هذه القراءة إما من الضمير في : نَتَّبِعُهُ وإما عن المقدر مع : مِنَّا كأنه يقول : أبشر كائن منا واحدا، وفي هذا نظر.
وحكى أبو عمر والداني قراءة أبي السمال :«أبشر منا واحد» بالرفع فيهما.
وهذه المقالة من ثمود حسد منهم واستبعاد منهم أن يكون نوع المبشر يفضل بعضه بعضا هذا الفضل فقالوا : أنكون جمعا ونتبع واحدا، ولم يعلموا أن الفضل بيد اللّه، يؤتيه من يشاء، ويفيض نور الهدى من رضيه.
وقوله : في ضَلالٍ معناه : في أمر متلف مهلك بالإتلاف، وَسُعُرٍ معناه : في احتراق أنفس واستعارها حنقا وهما باتباعه، وقيل في السعر : العناء، وقاله قتادة. وقيل الجنون، ومنه قولهم ناقة بمعنى مسعورة، إذا كانت تفرط في سيرها، ثم زادوا في التوقي بقولهم : أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا، وأُلْقِيَ بمعنى أنزل، وكأنه يتضمن عجلة في الفعل، والعرب تستعمل هذا الفعل، ومنه قوله تعالى : وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي [طه : ٣٩] ومنه قوله : إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [المزمل : ٥]، والذِّكْرُ هنا :
الرسالة وما يمكن أن جاءهم به من الحكمة والموعظة، ثم قالوا : بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ أي ليس الأمر كما يزعم، والأشر : البطر والمرح، فكأنهم رموه بأنه أَشِرٌ، فأراد العلو عليهم وأن يقتادهم ويتملك طاعتهم فقال اللّه تعالى لصالح : سَيَعْلَمُونَ غَداً وهذه بالياء من تحت قراءة علي بن أبي طالب وجمهور الناس.
وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم وابن وثاب وطلحة والأعمش «ستعلمون» بالتاء على معنى قل لهم يا صالح.
وقوله : غَداً تقريب يريد به الزمان المستقبل، لا يوما بعينه، ونحو المثل : مع اليوم غد.
وقرأ جمهور الناس :«الأشر» بكسر السين كحذر بكسر الذال. وقرأ مجاهد فيما ذكر عنه الكسائي :
«الأشر» بضم الشين كحذر بضم الذال، وهما بناءان من اسم الفاعل. وقرأ أبو حيوة :«الأشر» بفتح الشين، كأنه وصف بالمصدر. وقرأ أبو قلابة :«الأشرّ» بفتح الشين وشد الراء، وهو الأفعل، ولا يستعمل بالألف واللام وهو كان الأصل لكنه رفض تخفيفا وكثرة استعمال.
قوله عز وجل :
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٢٧ الى ٣٥]
إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (٢٩) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١)
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥)