المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٢٣١
وقال الضحاك : هو الدخان الذي يخرج من اللهب وليس بدخان الحطب.
وقرأ الجمهور :«شواظ» بضم الشين. وقرأ ابن كثير وحده وشبل وعيسى :«شواظ» بكسر الشين وهما لغتان.
وقال ابن عباس وابن جبير : النحاس الدخان، ومنه قول الأعشى :[المتقارب ]
تضيء كضوء سراج السليط لم يجعل اللّه فيه نحاسا
السليط دهن السراج. في النسخ التي بأيدينا دهن الشيرج.
وقرأ جمهور القراء :«و نحاس» بالرفع عطفا على شُواظٌ، فمن قال إن النحاس : هو المعروف، وهو قول مجاهد وابن عباس أيضا قال يرسل عليهما نحاس : أي يذاب ويرسل عليهما. ومن قال هو الدخان، قال ويعذبون بدخان يرسل عليهما. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والنخعي وابن أبي إسحاق :
«و نحاس» بالخفض عطفا على نارٍ، وهذا مستقيم على ما حكيناه عن أبي عمرو بن العلاء. ومن رأى الشواظ يختص بالنار قدر هنا : وشيء من نحاس. وحكى أبو حاتم عن مجاهد أنه قرأ :«و نحاس» بكسر النون والجر. وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قرأ :«و نحسّ» بفتح النون وضم الحاء والسين المشددة، كأنه يقول : ونقتل بالعذاب. وعن أبي جندب أنه قرأ :«و نحس»، كما تقول : يوم نحس، وحكى أبو عمرو مثل قراءة مجاهد عن طلحة بن مصرف، وذلك لغة في نحاس، وقيل هو جمع نحس.
ومعنى الآية : مستمر في تعجيز الجن والإنس، أي أنتما بحال من يرسل عليه هذا فلا ينتصر.
قوله عز وجل :
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٣٧ الى ٤٥]
فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٠) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٥)
جواب «إذا» محذوف مقصود به الإبهام، كأنه يقول : فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فما أعظم الهول، وانشقاق السماء انفطارها عند القيامة. وقال قتادة : السماء اليوم خضراء وهي يوم القيامة حمراء، فمعنى قوله : وَرْدَةً أي محمرة كالوردة وهي النوار المعروف. وهذا قول الزجاج والرماني. وقال ابن عباس وأبو صالح والضحاك : هي من لون الفرس الورد، فأنث لكون السَّماءُ مؤنثة.
واختلف الناس في قوله : كَالدِّهانِ فقال مجاهد والضحاك : هو جمع دهن، قالوا وذلك أن السماء يعتريها يوم القيامة ذوب وتميع من شدة الهول. وقال بعضهم : شبه لمعانها بلمعان الدهن. وقال جماعة من المتأولين الدهان : الجلد الأحمر، وبه شبهها، وأنشد منذر بن سعيد :[الطويل ]