المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٢٣٥
قال الرماني قال ابن عباس : الجنات الأربع للخائف مَقامَ رَبِّهِ [الرحمن : ٤٦]. وقال الحسن الأوليان للسابقين والأخريان للتابعين. وقال ابن عباس، المعنى : هما دونهما في القرب إلى المنعمين وهاتان المؤخرتان في الذكر أفضل من الأوليين، يدل على ذلك أنه وصف عيني هذه بالنضخ والأخريين بالجري فقط، وجعل هاتين مدهامتين من شدة النعمة، والأوليين ذواتي أفنان، وكل جنة ذات أفنان وإن لم تكن مدهامة.
قال القاضي أبو محمد : وأكثر الناس على التأويل الأول، وهذه استدلالات ليست بقواطع. وروي عن أبي موسى الأشعري أنه قال : جنتان للمقربين من ذهب، وجنتان لأهل اليمين من فضة مما دون الأولين.
و: مُدْهامَّتانِ معناه قد علا لونهما دهمة وسواد في النضرة والخضرة، كذا فسره ابن الزبير على المنبر، ومنه قوله تعالى : الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى [الأعلى : ٥]، والنضاخة الفوارة التي يهيج ماؤها. وقال ابن جبير المعنى : ضَّاخَتانِ
بأنواع الفواكه، وهذا ضعيف. وكرر النخل والرمان لأنهما ليسا من الفواكه. وقال يونس بن حبيب وغيره : كررهما وهما من أفضل الفاكهة تشريفا لهما وإشادة بهما كما قال تعالى : وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ [البقرة : ٩٨].
قوله تعالى :
[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٧٠ الى ٧٨]
فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١) حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ (٧٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٣) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٧٤)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٥) مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ (٧٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧٧) تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٧٨)
خَيْراتٌ جمع خيرة، وهي أفضل النساء، ومنه قول الشاعر [أنشده الطبري ] :[الكامل ] ربلات هند خيرة الملكات وقالت أم سلمة : قلت يا رسول اللّه : أخبرني عن قوله تعالى : خَيْراتٌ حِسانٌ قال :«خَيْراتٌ الأخلاق حِسانٌ الوجوه».
وقرأ أبو بكر بن حبيب السهمي :«خيّرات حسان» بشد الياء المكسورة. وقرأ أبو عمرو بفتح الياء.
وقوله : مَقْصُوراتٌ أي محجوبات. وكانت العرب تمدح النساء بملازمة البيوت، ومنه قول الشاعر [أبو قيس بن الأسلت ] :[الطويل ] وتعتل في إتيانهن فتعذر يصف أن جارتها يزرنها ولا تزورهن. ويروى أن بيت الأعشى قد ذم وهو قوله :[البسيط]