المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٢٤٤
منها، إذ أهل اليمين توابون لهم سلام وليسوا بسابقين. والطلح كذلك من العضاه شجر عظام كثير الشوك وشبهه في الجنة على صفات مباينة لحال الدنيا. و: مَنْضُودٍ معناه مركب ثمره بعضه على بعض من أرضه إلى أعلاه.
وقرأ علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه وجعفر بن محمد وغيره :«طلع منضود»، فقيل لعلي إنما هو :
طَلْحٍ. فقال : ما للطلح وللجنة؟ فقيل له أنصلحها في المصحف فقال : إن المصحف اليوم لا يهاج ولا يغير. وقال علي بن أبي طالب وابن عباس : الطلح : الموز، وقاله مجاهد وعطاء. وقال الحسن : ليس بالموز، ولكنه شجر ظله بارد رطب. والظل الممدود، معناه : الذي لا تنسخه شمس، وتفسير ذلك في قول النبي صلى اللّه عليه وسلم :«إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر في ظلها مائة سنة لا يقطعها، واقرؤوا إن شئتم : وَظِلٍّ مَمْدُودٍ» إلى غير هذا من الأحاديث في هذا المعنى. وقال مجاهد : هذا الظل هو من طلحها وسدرها.
وقوله تعالى : وَماءٍ مَسْكُوبٍ أي جار في غير أخاديد، قاله سفيان وغيره، وقيل المعنى : يناسب.
لا تعب فيه بسانية ولا رشاء.
وقوله تعالى : لا مَقْطُوعَةٍ أي بزوال الإبان، كحال فاكهة الدنيا، وَلا مَمْنُوعَةٍ ببعد التناول ولا بشوك يؤذي في شجراتها ولا بوجه من الوجوه التي تمتنع بها فاكهة الدنيا.
وقرأ جمهور الناس :«و فرش» بضم الراء. وقرأ أبو حيوة :«و فرش» بسكونها، والفرش : الأسرة، وروي من طريف أبي سعيد الخدري : أن في ارتفاع السرير منها خمسمائة سنة.
قال القاضي أبو محمد : وهذا واللّه أعلم لا يثبت، وإن قدر فمتأولا خارجا عن ظاهره. وقال أبو عبيدة وغيره : أراد بالفرش النساء.
و: مَرْفُوعَةٍ معناه : في الأقدار والمنازل، ومن هذا المعنى قول الشاعر [عمرو بن الأهتم التميمي ] :[البسيط]
ظللت مفترش الهلباء تشتمني عند الرسول فلم تصدق ولم تصب
ومنه قول الآخر في تعديد على صهره :
وأفرشتك كريمتي وقوله تعالى : إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً قال قتادة : الضمير عائد على الحور العين المذكورات قبل وهذا فيه بعد، لأن تلك القصة قد انقضت جملة. وقال أبو عبيدة معمر : قد ذكرهن في قوله : فُرُشٍ فلذلك رد الضمير وإن لم يتقدم ذكر لدلالة المعنى على المقصد، وهذا كقوله تعالى : حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص : ٣٢] ونحوه : و: أَنْشَأْناهُنَّ معناه : خلقناهن شيئا بعد شيء. وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في تفسير هذه الآية :«عجائز كن في الدنيا عمشا رمصا»، وقال لعجوز :«إن الجنة لا يدخلها العجز»، فحزنت، فقال :«إنك إذا دخلت الجنة أنشئت خلقا آخر».