المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٢٥
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
سورة الشّورىهذه السورة مكية بإجماع من أكثر المفسرين، وقال قتادة : فيها مدني : ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ [الشورى : ٢٣] إلى : الصُّدُورِ [الشورى : ٢٤] وقوله : وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ [الشورى : ٣٩] إلى قوله : مِنْ سَبِيلٍ [الشورى : ٤١]. وقال ابن عباس في كتاب الثعلبي : إن حم عسق هذه الحروف بأعيانها نزلت في كل كتب اللّه تعالى المنزلة على كل نبي أنزل عليه الكتاب، ولذلك قال تعالى :
كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ.
قوله عز وجل :
[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ١ الى ٥]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (١) عسق (٢) كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (٤)تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥)
فصلت : حم من : عسق، ولم يفعل ذلك ب كهيعص [مريم : ١] لتجري هذه مجرى الحواميم أخواتها.
وقرأ الجمهور :«حم عسق». وقرأ ابن مسعود وابن عباس :«حم سق» بسقوط عين، والأقوال في هذه كالأقوال في أوائل السور. وروى حذيفة في هذا حديثا مضمنه : أنه سيكون في هذه الأمة مدينتان يشقهما نهر بالمشرق، تهلك إحداهما ليلا ثم تصبح الأخرى سالمة، فيجتمع فيها جبابرة المدينتين متعجبين من سلامتها، فتهلك من الليلة القابلة، وأن حم معناه : حم هذه الأمر. وعين : معناه عدلا من اللّه. وسين :
سيكون ذلك. وقاف : معناه يقع ذلك بهم. وروي أن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الأحرف التي في أوائل السور. والكاف في قوله : كَذلِكَ نعت لمصدر محذوف، والإشارة بذلك تختلف بحسب الأقوال في الحروف.
وقرأ جمهور القراء :«يوحي» بالياء على إسناد الفعل إلى اللّه تعالى، وهي قراءة الحسن والأعرج وأبي جعفر والجحدري وعيسى وطلحة والأعمش. وقرأ أبو حيوة والأعشى عن أبي بكر عن عاصم :
«نوحي» : بنون العظمة، ويكون قوله : اللَّهُ ابتداء وخبره : الْعَزِيزُ ويحتمل أن يكون خبره : لَهُ ما فِي