المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٢٩٧
لها، وكانت المرأة خالتها فيما روي فسمتها في حديثها أما، وقال أبو جعفر بن النحاس والثعلبي : أراد المستضعفين من المؤمنين الذين لم يستطيعوا الهجرة، وهذا قول ضعيف. وقال مرة الهمداني وعطية العوفي : نزلت في قوم من بني هاشم، منهم العباس، قال وقتادة نسختها فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة : ٥]. وقوله تعالى : أَنْ تَبَرُّوهُمْ بدل، وهذا هو بدل الاشتمال، والإقساط :
العدل، وظاهَرُوا معناه : عاونوا، و«الذين قاتلوا في الدين وأخرجوا» هم مردة قريش وقوله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ الآية نزلت إثر صلح الحديبية، وذلك أن الصلح تضمن أن يرد المؤمنون إلى الكفار كل من جاء مسلما من رجل وامرأة فنقض اللّه تعالى من ذلك أمر النساء بهذه الآية، وحكم أن المهاجرة لا ترد إلى الكفار بل تبقى تستبرئ وتتزوج ويعطى زوجها الكافر الصداق الذي أنفق، وأمر أيضا المؤمنين بطلب صداق من فرت امرأته من المؤمنين، وحكم تعالى بهذا في النازلة وسماهم مؤمنات قبل أن يتيقن ذلك إذ هو ظاهر أمرهن، ومُهاجِراتٍ نصب على الحال، فَامْتَحِنُوهُنَّ معناه : جربوهن واستخبروا حقيقة ما عندهن. واختلف الناس في هذا الامتحان كيف هو، فقال ابن عباس وقتادة ومجاهد وعكرمة : كان بأن تستحلف المرأة أنها ما هاجرت لبغض زوجها ولا لجريرة جرت ولا لسبب من أعراض الدنيا سوى حب اللّه ورسوله والدار الآخرة. قال ابن عباس : الامتحان أن تطلب بأن تشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه، فإذا فعلت ذلك لم ترد، فقال فريق منهم عائشة أم المؤمنين : الامتحان هو أن تعرض عليها الشروط التي في الآية بعد هذا من ترك الزنا والسرقة والبهتان والعصيان، فإذا أقرت بذلك فهو امتحان، وقيل : إن هذه الآية نزلت في أميمة بنت بشر امرأة حسان بن الدحداحة وفي كتاب الثعلبي أنها نزلت في سبيعة بنت الحارث، وقوله تعالى : اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ إشارة إلى الاسترابة ببعضهن وحض على امتحانهن، وذكر تعالى العلة في أن لا يرد النساء إلى الكفار وهي امتناع الوطء وحرمته، وقرأ طلحة :«لا هن يحللن لهم».
قوله عز وجل :
وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا......
أمر اللّه تعالى أن يؤتى الكفار مهور نسائهم اللاتي هاجرن مؤمنات ورفع الجناح في أن يتزوجن بصدقات هي أجورهن، وأمر المسلمين بفراق الكافرات وأن لا يمسكوا بعصمهن، فقيل : الآيات في عابدات الأوثان ومن لا يجوز نكاحها، ابتداء، وقيل : هي عامة نسخ منها نساء أهل الكتاب، والعصم :
جمع عصمة : وهي أسباب الصحبة والبقاء في الزوجية، وكذلك العصمة في كل شيء، السبب الذي يعتصم به، ويعتمد عليه، وقرأ جمهور السبعة والناس :«تمسكوا» بضم التاء وكسر السين وتخفيفها من


الصفحة التالية
Icon