المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٣٧٥
وقيل هو جمع طبق، وهو نعت لسبع، وقرأ ابن أبي عبلة، «طباق» بالخفض على النعت ل سَماواتٍ، وقوله تعالى : وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ ساغ ذلك لأن القمر من حيث هو في إحداها فهو في الجميع، ويروى أن القمر في السماء الدنيا، وقال عبد اللّه بن عمرو بن العاص وعبد اللّه بن العباس : إن الشمس والقمر أقفارهما إلى الأرض وإقبال نورهما وارتفاعه في السماء، وهو الذي تقتضيه لفظة السراج، وقيل إن الشمس في السماء الخامسة، وقيل في الرابعة، وقال عبد اللّه بن عمر : هي في الشتاء في الرابعة وفي الصيف في السابعة. وقوله تعالى : أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً استعارة من حيث أخذ آدم عليه السلام من الأرض ثم صار الجميع نَباتاً منه، وقوله تعالى : نَباتاً مصدر جار على غير المصدر، التقدير فنبتم نَباتاً، والإعادة فيها : هي بالدفن فيها الذي هو عرف البشر، والإخراج : هو البعث يوم القيامة لموقف العرض والجزاء، وقوله تعالى : بِساطاً يقتضي ظاهره أن الأرض بسيطة كروية واعتقاد أحد الأمرين غير قادح في نفسه اللهم إلا أن يتركب على القول بالكروية نظر فاسد، وأما اعتقاد كونها بسيطة فهو ظاهر كتاب اللّه تعالى، وهو الذي لا يلحق عنه فساد البتة. واستدل ابن مجاهد على صحة ذلك بماء البحر المحيط بالمعمور، فقال : لو كانت الأرض كروية لما استقر الماء عليها.
والسبل : الطرق والفجاج : الواسعة.
قوله عز وجل :
[سورة نوح (٧١) : الآيات ٢١ الى ٢٥]
قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً (٢٥)
المعنى فلما لم يطيعوا ويئس نوح من إيمانهم قال نوح : رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي واتبعوا أشرافهم وغواتهم، فعبر عنهم بأن أموالهم وأولادهم زادتهم خَساراً أي خسرانا، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي ونافع في رواية خارجة عنه «و ولده» بضم الواو وسكون اللام، وهي قراءة ابن الزبير والحسن والأعرج والنخعي ومجاهد، وقرأ نافع وعاصم وابن عامر «و ولده» بفتح اللام والواو وهما يمعنى واحد كبخل وبخل وهي قراءة أبي عبد الرحمن والحسن وأبي رجاء وابن وثاب وأبي جعفر وشيبة، وقرأ «و ولده» بكسر الواو والجحدري وزر والحسن وقتادة وابن أبي إسحاق وطلحة، وقال أبو عمرو :«ولد» بضم الواو وسكون اللام العشيرة والقوم، وقال أبو حاتم يمكن أن يكون الولد بضم الواو جمع الولد وذلك كخشب وخشب، وقد قال حسان بن ثابت :[الكامل ]
ما بكر آمنة المبارك بكرها من ولد محصنة بسعد الأسعد
وقرأ جمهور الناس :«كبارا» بشد الباء وهو بناء مبالغة، نحو حسان. قال عيسى : وهي لغة يمانية وعليها قول الشاعر [أبو صدقة الدبيري ] :[الكامل ]