المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٤٢٠
وهو الصليب وله ثَلاثِ شُعَبٍ، والتشعب تفرق الجسم الواحد فرقا ثم نفى عنه تعالى محاسن الظل، والضمير في إِنَّها لجهنم، وقرأ عيسى بن عمر «بشرار» بألف جمع شرارة وهي لغة تميم، و«القصر» في قول ابن عباس وجماعة من المفسرين اسم نوع القصور وهو إلا دورا لكبار مشيدة، وقد شبهت العرب بها النوق ومن المعنى قول الأخطل :[البسيط]
كأنها برج رومي يشيده لز بجص وآجر وجيار
وقال ابن عباس أيضا :«القصر» : خشب كان في الجاهلية يقطع من جزل الحطب من النخل وغيره على قدر الذراع وفوقه ودونه يستعد به للشتاء يسمى «القصر» واحده قصرة وهو المراد في الآية، وإنما سمي القصّار لأنه يخبط بالقصرة، وقال مجاهد :«القصر» حزم الحطب. وهذه قراءة الجمهور، وقرأ ابن عباس وابن جبير «القصر» جمع قصرة وهي أعناق النخل والإبل وكذلك أيضا هي في الناس، وقال ابن عباس جذور النخل، وقرأ ابن جبير أيضا والحسن :«كالقصر» بكسر القاف وفتح الصاد، وهي جمع قصرة كحلقة وحلق من الحديد، واختلف الناس في «الجمالات»، فقال جمهور من المفسرين : هو جمع جمال على تصحيح البناء كرجال ورجالات، وقال آخرون أراد ب «الصفر» السود، وأنشد على ذلك بيت الأعشى :
[الخفيف ]
تلك خيلي منه، وتلك ركابي هن صفر أولادها كالزبيب
وقال جمهور الناس : بل «الصفر» الفاقعة لأنها أشبه بلون الشرر بالجمالات، وقرأ الحسن «صفر» بضم الصاد والفاء، وقال ابن عباس وابن جبير :«الجمالات» قلوس من السفن وهي حبالها العظام إذا جمعت مستديرة بعضها إلى بعض جاء منها أجرام عظام، وقال ابن عباس :«الجمالات» قطع النحاس الكبار وكان اشتقاق هذه من اسم الجملة، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم «جمالة» بكسر الجيم لحقت التاء جمالا لتأنيث الجمع فهي كحجر وحجارة، وقرأ ابن عباس وأبو عبد الرحمن والأعمش :
«جمالة» بضم الجيم، وقرأ باقي السبعة والجمهور وعمر بن الخطاب «جمالات» على ما تفسر بكسر الجيم، وقرأ ابن عباس أيضا وقتادة وابن جبير والحسن وأبو رجاء بخلاف عنهم «جمالات» بضم الجيم، واختلف عن نافع وأبي جعفر وشيبة وكان ضم الجيم فيهما من الجملة لا من الجمل وكسرها من الجمل لا من الجملة. ولما ذكر تعالى المكذبين قال مخاطبا لمحمد صلى اللّه عليه وسلم هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ أي يوم القيامة أسكتتهم الهيبة وذل الكفر، وهذا في موطن قاض بأنهم لا يَنْطِقُونَ فيه إذ قد نطق القرآن بنطقهم ربنا أخرجنا، ربنا أمتنا. فهي مواطن. ويَوْمُ مضاف إلى قوله لا يَنْطِقُونَ. وقرأ الأعرج والأعمش وأبو حيوة «هذا يوم» بالنصب لما أضيف إلى غير متمكن بناه فهي فتحة بناء وهو في موضع رفع، ويحتمل أن يكون ظرفا وتكون الإشارة ب هذا إلى رميها بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ، وقوله فَيَعْتَذِرُونَ معطوف على يُؤْذَنُ ولم ينصب في جواب النفي لتشابه رؤوس الآي، والوجهان جائزان، وقوله تعالى : هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ مخاطبة للكفار يومئذ. و«الأولون» المشار إليهم قوم نوح وغيرهم