المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٤٤
عمران : ٤٦] في موضع الحال، فكذلك مِنَ [آل عمران : ٤٦] وما عملت فيه هذه الآية أيضا، ثم عطف قوله :«أو يرسل» على هذه الحال المتقدمة. وفي هذه الآية دليل على أن الرسالة من أنواع التكليم، وأن الحالف المرسل حانث إذا حلف أن لا يكلم إنسانا فأرسل إليه وهو لم ينو المشافهة وقت يمينه.
وقوله تعالى : وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ المعنى وبهذه الطرق ومن هذا الجنس أوحينا إليك أو بالرسل. والروح في هذه الآية : القرآن وهدى الشريعة سماه رُوحاً من حيث يحيي به البشر والعالم، كما يحيي الجسد بالروح، فهذا على جهة التشبيه.
وقوله تعالى : مِنْ أَمْرِنا أي واحد من أمورنا، ويحتمل أن يكون الأمر بمعنى الكلام، ومِنْ لابتداء الغاية.
وقوله تعالى : ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ توقيف على مقدار النعمة. والضمير في :
جَعَلْناهُ عائد على الكتاب، و. يهدي بمعنى يرشد.
وقرأ جمهور الناس :«و إنك لتهدي» بفتح التاء وكسر الدال. وقرأ حوشب :«تهدى» بضم التاء وفتح الدال على بناء الفعل للمفعول، وفي حرف أبي :«لتدعو»، وهي تعضد قراءة الجمهور. وقرأ ابن السميفع وعاصم والجحدري :«لتهدي» بضم التاء وكسر الدال..
وقوله : صِراطِ اللَّهِ يعني صراط شرع اللّه ورحمته وجنته، فبهذا الوجه ونحوه من التقدير أضيف الصراط إلى اللّه تعالى. واستفتح القول في الإخبار بصيرورة الأمور إلى اللّه تعالى مبالغة وتحقيقا وتثبيتا، والأمور صائرة على الدوام إلى اللّه تعالى، ولكن جاءت هذه العبارة مستقبلة تقريبا لمن في ذهنه أن شيئا من الأمور إلى البشر. وقال سهيل بن أبي الجعد : احترق مصحف فلم يبق منه إلا قوله : أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ.