المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٥٠
والواو، ورواها المفضل عن عاصم بتحقيق الهمزتين. وقرأ المسيبي عن نافع بمد بين الهمزتين. وقرأ أبو عمرو ونافع أيضا وعلي بن أبي طالب وابن عباس ومجاهد :«أ. شهدوا» بتسهيل الثانية بلا مد. وقرأ جماعة من القراء بالتسهيل في الثانية ومدة بينهما. وقرأ آخرون :«أشهدوا» بهمزة واحدة بغير استفهام، وهي قراءة الزهري، وهي صفة لإناث، أي مشهدا خلقهم.
ومعنى الآية : التوبيخ وإظهار فساد عقولهم، وادعائهم وأنها مجردة من الحجة، وهذا نظير الآية الرادة على المنجمين وأهل الطبائع، وهي قوله تعالى : ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ [الكهف : ٥١] الآية.
وقرأ جمهور الناس :«ستكتب شهادتهم» برفع الشهادة وبناء الفعل للمفعول. وقرأ الأعرج وابن عباس وأبو جعفر وأبو حيوة :«سنكتب» بنون الجمع «شهادتهم» بالنصب. وقرأت فرقة :«سيكتب» بالياء على معنى : سيكتب اللّه «شهادتهم» بالنصب. وقرأ الحسن بن أبي الحسن :«ستكتب شهاداتهم» على بناء الفعل للمفعول وجمع الشهادات.
وفي قوله تعالى : وَيُسْئَلُونَ وعيد مفصح. و: أَشَهِدُوا في هذه الآية معناه : أحضروا وليس ذلك من شهادة تحمل المعاني التي تطلب أن تؤدى.
قوله عز وجل :
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٢٠ الى ٢٥]
وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٢٤)
فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥)
ذكر اللّه تعالى احتجاج الكفار لمذهبهم ليبين فساد منزعهم، وذلك أنهم جعلوا إمهال اللّه لهم وإنعامه عليهم وهم يعبدون الأصنام، دليلا على أنه يرضى عبادة الأصنام دينا، وأن ذلك كالأمر به، فنفى اللّه عن الكفرة أن يكون لهم علم بهذا وليس عندهم كتاب منزل يقتضي ذلك، وإنما هم يظنون ويَخْرُصُونَ ويخمنون، وهذا هو الخرص والتخرص.
وقرأ جمهور الناس :«على أمة» بضم الهمزة، وهي بمعنى الملة والديانة، والآية على هذا تعيب عليهم التقليد. وقرأ مجاهد والعبدري وعمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه :«على إمة» بكسر الهمزة وهي بمعنى النعمة، ومنه قول الأعشى :
ولا الملك النعمان يوم لقيته بإمته يعطي القطوط ويافق