المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٥١٥
المعلومة من هذه الأخلاق تشهد عليه، فهو شاهد على نفسه بذلك، وهذا قول الحسن ومجاهد، والضمير في قوله تعالى : وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ عائد على «الإنسان» لا غير، والمعنى من أجل حب الخير إنه لَشَدِيدٌ، أي بخيل بالمال ضابط له، ومنه قول الشاعر [طرفة بن العبد] :[الطويل ]
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المتشدد
والْخَيْرُ المال على عرف ذلك في كتاب اللّه تعالى، قال عكرمة : الْخَيْرُ حيث وقع في القرآن فهو المال، ويحتمل أن يراد هنا الخير الدنياوي من مال وصحة وجاه عند الملوك ونحوه، لأن الكفار والجهال لا يعرفون غير ذلك، فأما المحب في خير الآخرة فممدوح له مرجو له الفوز وقوله تعالى : أَفَلا يَعْلَمُ، توقيف على المال والمصير أي أفلا يعلم مآله فيستعد له، و«بعثرة ما في القبور» : تقصيه مما يستره والبحث عنه، وهذه عبارة عن البحث، وفي مصحف ابن مسعود :«بحث ما في القبور»، وفي حرف أبي :
«و بحثرت القبور»، و«تحصيل ما في الصدور» : تمييزه وكشفه ليقع الجزاء عليه من إيمان وكفر ونية، ويفسره قول النبي صلى اللّه عليه وسلم :«يبعث الناس يوم القيامة على نياتهم»، وقرأ يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم : بفتح الحاء والصاد، ثم استؤنف في الخبر الصادق، الجزم بأن اللّه تعالى خبير بهم يَوْمَئِذٍ، لكن خصص يَوْمَئِذٍ لأنه يوم المجازاة، فإليه طمحت النفوس، وهذا وعيد مصرح.
نجز تفسير سورة «العاديات».


الصفحة التالية
Icon