المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٥٢٦
الأفاعيل الجميلة، وقال بعض المفسرين معنى الآية : أعجبوا لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، هذه الأسفار وإعراضهم عن عبادة اللّه، ثم أمرهم بالعبادة بعد وأعلمهم أن اللّه تعالى هو الذي أَطْعَمَهُمْ وَآمَنَهُمْ لا سفرهم، المعنى : فليعبدوا الذي أطعمهم بدعوة إبراهيم حيث قال : وارزقهم من الثمرات، وآمنهم بدعوته حيث قال : رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً [إبراهيم : ٣٥] ولا يشتغلوا بالأسفار التي إنما هي طلب كسب وعرض دنيا، وقال النقاش : كانت لهم أربع رحل، وهذا قول مردود، وقال عكرمة : معنى الآية كما ألفوا هاتين الرحلتين لدنياهم لْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ
لآخرتهم، وقال قتادة : إنما عددت عليهم الرحلتان لأنهم كانوا يأمنون الناس في سفرتهم، والناس يغير بعضهم على بعض، ولا يمكن قبيلا من العرب أن يرحل آمنا، كما تفعل قريش، فالمعنى فليعبدوا الذي خصهم بهذه الحال فأطعمهم وآمنهم، وقوله تعالى : مِنْ جُوعٍ معناه أن أهل مكة قاطنون بواد غير ذي زرع عرضة للجوع والجدب لو لا لطف اللّه تعالى، وأن جعلها بدعوة إبراهيم تجبى إليها ثمرات كل شيء، وقوله تعالى : مِنْ خَوْفٍ أي جعلهم لحرمة البيت مفضلين عند العرب يأمنون والناس خائفون، ولولا فضل اللّه تعالى في ذلك لكانوا بمدارج المخاوف. وقال ابن عباس والضحاك : مِنْ خَوْفٍ معناه من الجذام فلا ترى بمكة مجذوما.