المحرر الوجيز، ج ٥، ص : ٥٣٩
بعد العقد، هي المعوذتان، فشفى اللّه النبي صلى اللّه عليه وسلم، والنفث شبه النفخ دون تفل ريق، وهذا النفث هو على عقد تعقد في خيوط ونحوها على اسم المسحور فيؤذى بذلك، وهذا الشأن في زمننا موجود شائع في صحراء المغرب، وحدثني ثقة أنه رأى عند بعضهم خيطا أحمر قد عقد فيه عقد على فصلان فمنعت بذلك رضاع أمهاتها، فكان إذا حل جرى ذلك الفصيل إلى أمه في الحين فرضع أعاذنا اللّه من شر السحر والسحرة بقدرته، وقرأ عبد اللّه بن القاسم والحسن وابن عمر :«النافثات في العقد»، وقوله تعالى :
وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ قال قتادة : من شر عينه ونفسه، يريد بالنفس السعي الخبيث والإذاية كيف قدر لأنه عدو مجد ممتحن، وقال الشاعر :
كل عداوة قد ترجى إفاقتها إلا عداوة من عاداك من حسد
وعين الحاسد في الأغلب لاقعة نعوذ باللّه من شرها ولا أعدمنا اللّه حسدة. [الكامل ]
وإذا أراد اللّه نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود
والحسد : في الاثنين اللتين قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :«حسد مستحسن غير ضار»، وإنما هو باعث على خير، وهذه السورة خمس آيات فقال بعض الحذاق : وهي مراد الناس بقولهم للحاسد إذا نظر إليهم : الخمس على عينيك، وقد غلطت العامة في هذا فيشيرون في ذلك بالأصابع لكونها خمسة، وأمال أبو عمرو حاسِدٍ، والباقون بفتح الحاء وقال الحسن بن الفضل : ذكر اللّه تعالى الشر في هذه السورة ثم ختمها بالحسد ليظهر أنه أخس طبع.


الصفحة التالية
Icon