وقال في سورة هود: ﴿أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين﴾ [هود: ١٣] وقال في سورة يونس: ﴿وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة من مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين﴾ [يونس: ٣٧، ٣٨] وكل هذه الآيات مكية، ثم تحداهم بذلك أيضا في المدينة فقال في هذه الآية: (وإن كنتم في ريب (أي شك (مما نزلنا على عبدنا (يعني محمدا ﷺ (فأتوا بسورة من مثله (يعني من مثل القرآن، فتحداهم كلهم متفرقين ومجتمعين سواء في ذلك أميهم وكتابيهم، وقد تحداهم بهذا في مكة والمدينة مرات عديدة مع شدة عداوتهم له وبغضهم لدينه ومع هذا أعجزوا عن ذلك) (١).
قال الإمام ابن جرير رحمه الله: (القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا﴾ : وهذا من الله عز وجل احتجاج لنبيه محمد ﷺ على مشركي قومه من العرب ومنافقيهم وكفار أهل الكتاب وضلالهم الذين افتتح بقصصهم قوله جل ثناؤه: ﴿إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم﴾ وإياهم يخاطب بهذه الآيات، وضرباءهم يعني بها، قال الله جل ثناؤه: وإن كنتم أيها المشركون من العرب والكفار من أهل الكتابين في شك - وهو الريب - مما نزلنا على عبدنا محمد ﷺ من النور والبرهان وآيات الفرقان أنه من عندي، وأني الذي أنزلته إليه، فلم تؤمنوا به ولم تصدقوه فيما
_________
(١) تفسير القرآن العظيم (١/٥٩-٦٠) بتصرف.


الصفحة التالية
Icon