فتفرقوا عند ذلك، فجعلوا يجلسون للناس حين قدموا الموسم، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره، فأنزل الله عز وجل في النفر الذين كانوا معه، ويصفون له القول في رسول الله فيما جاء به من عند الله: (الذين جعلوا القرآن عضين (أي أصنافا (فوربك لنسألنهم أجمعين (أولئك النفر الذين يقولون ذلك لرسول الله لمن لقوا من الناس، قال: وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله، وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.
وأخرج أبو نعيم (١) من طريق العوفي، عن ابن عباس، قال: أقبل الوليد بن المغيرة على أبي بكر يسأله عن القرآن، فلما أخبره خرج على قريش، فقال: يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة، فوالله ما هو بشعر، ولا سحر، ولا بهُذاء مثل الجنون، وان قوله لمن كلام الله.
وأخرج ابن إسحاق والبيهقي وأبو نعيم (٢)، عن ابن عباس قال: قام النضر بن الحارث ابن كلدة ابن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، فقال: يا معشر قريش، إنه والله لقد نزل بكم أمر ما ابتليتم بمثله، لقد كان محمد فيكم غلاما حدثا، أرضاكم فيكم وأصدقكم حديثا، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب، وجاءكم بما جاءكم: قلتم ساحر. لا والله ما هو بساحر؛ قد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم، وقلتم: كاهن. لا والله ما هو بكاهن؛ قد رأينا الكهنة وحالهم وسمعنا سجعهم، وقلتم: شاعر. لا والله ما هو بشاعر؛ لقد روينا الشعر
_________
(١) لم أجده في الحلية لأبي نعيم بعد البحث في مظانه ولكن أخرجه مسندا ابن جرير الطبري في تفسير (٢٩/١٥٦)، وعطية العوفي ضعيف (تهذيب تهذيب لابن حجر (٧/٢٠١) دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، ١٩٨٤.
(٢) أخرجه ابن اسحاق كما في مختصر سيرته لابن هشام معلقا (٢/١٣٧) عن ابن عباس من غير إسناد.


الصفحة التالية
Icon