ب-ثم قال تعالى: ﴿قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين﴾ [النحل: ١٠٢] ("ونزله" تنبيه على أن إنزاله مدرجا على حسب المصالح بما يقتضي التبديل (من ربك بالحق (ملتبسا بالحكمة (ليثبت الذين آمنوا (ليثبت الله الذين آمنوا على الإيمان بأنه كلامه، وأنهم إذا سمعوا الناسخ وتدبروا ما فيه من رعاية الصلاح والحكمة، رسخت عقائدهم واطمأنت قلوبهم (وهدى وبشرى للمسلمين (المنقادين لحكمه).
ج-ثم قال تعالى بعدها بقليل ﴿إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون﴾ [النحل: ١١٦]. والواقع أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أفلح في كل أعماله ودعوته وغزواته، ومكّنه الله من البلاد والعباد، ولم يمت حتى دانت له الجزيرة كلها بالإسلام لله والعبادة له وحده، ولو كان مفتريا على الله لم يكن الله تعالى ليمكن له هذا التمكين.
د- ثم إنه ما كان لبشر أن يفتري كلاما وينسبه إلى الله، ويضل به الملايين من الناس، ثم بعد ذلك لا يعاجله الله تعالى بالعقوبة: ﴿وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [يونس: ٣٧] وقال تعالى: (تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ () وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ () لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ () ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ () فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ( [الحاقة: ٤٤-٤٧]،
﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الأحقاف: ٨]، إن كنت كاذباً فالله أعلم منكم بذلك، ولا يملك أحد لي أن يمنع عذاب الله بي الذي لا يتأخر عن الكاذب، فكون الله يعلم بي ولم يعذبني هذه شهادة من الله على صدقي (كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ (.
هـ- ورد على اليهود وغيرهم من الكفار الذين أنكروا إنزال


الصفحة التالية
Icon