هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ». قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. فَقَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا». قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ. قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» (١).
وهناك نوع ثالث ولكن لا نستطيع أن نعدهم من الطاعنين، وإن كانوا قد عملوا أعمالا-سواء عن قصد أو عن غير قصد- فتحت الباب للطاعنين في القرآن (٢) ؛ من تأويل غير مقبول في تفسير القرآن، أو جواب عن إشكال فيه تنازل وتسليم مبطن به، أو تحريف معاني كثير من الثوابت إلى معانٍ تساير العصر -بزعمهم- أو إلغائها بالكلية، أو تكلف الاستدلال بآية على ما لا تدل عليه من قريب أو بعيد (٣).
_________
(١) متفق عليه: (البخاري: كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، رقم: ٣٤١١، ومسلم: كتاب الإمارة، باب: وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند الفتن، رقم: ١٨٤٧).
(٢) انظر: اتجاهات التجديد فى تفسير القرآن الكريم، لاستاذنا الدكتور شريف، ص: ٧٣٧.
(٣) مثل إنكار المعجزات كلها ما عدا القرآن، وإنكار أشراط الساعة الصغرى وبعض الكبرى مثل نزول عيسى والمهدي ويأجوج مأجوج والدابة، وإنكار بعض الغيبيات مثل عالم الجن والملائكة، وإنكار تعدد الزوجات والحجاب وملك اليمين وإنكار السحر، وتأويل الطير الأبابيل بالجراثيم، إباحة بعض أنواع الربا؛ والزعم أن القرآن يدل على جواز تحضير الأرواح، وغير ذلك من سلسلة الأخطاء التي فتحها على مصراعيها تقديم العقل على النقل والانبهار بالعالم الغربي ومحاولة مسايرته. انظر: في بيان أخطاء هؤلاء والرد عليهم:
اتجاهات التفسير في العصر الراهن للدكتور عبد المجيد عبد السلام المحتسب، دار البيارق، الأردن، الطبعة الثالثة، ١٩٨٢.
منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير، للدكتور فهد الرومي، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الخامسة، ١٤٢٢.
التفسير ومناهجه لدى مدرسة الإمام محمد عبده للدكتور محمود بسيوني فوده، مطبعة الأمانة، القاهرة.
العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب، لمحمد حامد الناصر، مكتبة الكوثر، الرياض، الطبعة الأولى، ١٩٩٦. اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، أ. د. فهد الرومي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثالثة، ١٩٩٧.
اتجاه التفسير فى العصر الحديث، للشيخ مصطفى محمد الطير، مطبعة مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة ١٩٧٥.
اتجاهات التجديد فى تفسير القرآن الكريم فى مصر، أ. د. محمد ابراهيم شريف، دار التراث القاهرة، الطبعة الأولى، ١٩٨٢.


الصفحة التالية
Icon