المبحث الأول: أول من تكلم فيه
وجود الإشكال في فهم القرآن، والطعن فيه بسبب ذلك موجود منذ نزوله؛ لأن القرآن ينقسم إلى أربعة أقسام: قسم لا يجهله أحد، وقسم تعرفه العرب من لغتها، وقسم يعرفه الراسخون في العلم، وقسم لا يعلمه إلا الله، كما ورد عن ابن عباس (١).
وأقدم نص وجدتُ فيه حدوث الإشكال على الفهم، والطعن في القرآن، واتهامه بالتعارض مع الحقائق، هو حديث الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِي فَقَالُوا: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ (يَا أُخْتَ هَارُونَ (وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا. فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ» (٢).
وهذا الطعن الذي ذكر في الحديث، مع أن النبي أجاب عليه، إلا أنه لا يزال يردد إلى يومنا هذا، كما سترى فيما سيأتي إن شاء الله.
وقد تكلم القرآن عن كثير من الطاعنين، وذكر طعوناتهم، ثم رد
_________
(١) أخرجه ابن جرير الطبري مسندا كما ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره (١/٧) ولم أجده في تفسير ابن جرير بعد البحث في مظانه، وانظر: الإتقان (٣/٧).
(٢) أخرجه مسلم (كتاب الآداب، باب: النهي عن التكني بأبي القاسم، وبيان ما يستحب، رقم: ٢١٣).