وكان عمر يقول: اللهم قلبي فلا أملكه، وأما ما سوى ذلك فأرجو أن أعدل.
ويمكن أن يكون المراد بالعدل في الثانية العدل التام؛ أشار إليه ابن عطية، وقد يحتاج الاختلاف إلى تقدير، فيرتفع به الإشكال كقوله تعالى: ﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى﴾ [النساء: ٩٥] ثم قال سبحانه: (وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما (والأصل في الأولى: وفضل الله المجاهدين على القاعدين من أولي الضرر درجة، والأصل في الثانية: وفضل الله المجاهدين على القاعدين من الأصحاء درجات.
وكقوله تعالى: ﴿إن الله لا يأمر بالفحشاء﴾ [الأعراف: ٢٨] مع قوله: ﴿أمرنا مترفيها ففسقوا فيها﴾ [الإسراء: ١٦]، والمعنى أمّرناهم وملّكناهم وأردنا منهم الصلاح فأفسدوا، والمراد بالأمر في الأولى أنه لا يأمر به شرعا ولكن قضاء؛ لاستحالة أن يجري في ملكه مالا يريد، وفرقٌ بين الأمر الكوني والديني.
الثالث: الاختلاف في جهتي الفعل:
كقوله تعالى: ﴿فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم﴾ [الأنفال: ١٧] ؛ أضيف القتل إليهم على جهة الكسب والمباشرة، ونفاه عنهم باعتبار التأثير؛ ولهذا قال الجمهور: إن الأفعال مخلوقة لله تعالى، مكتسبة للآدميين، فنفي الفعل بإحدى الجهتين لا يعارضه إثباته بالجهة الأخرى. وكذا قوله: ﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾ [الأنفال: ١٧] أي ما رميت خلقا إذ


الصفحة التالية
Icon