فصل :


ومما يسأل عنه أن يقال : لِمَ لمْ يكن عن الشهر ؛ لأنه قد جرى ذكره، كقولك : شهر رمضان المبارك من شهجه فليصمه ؟ قيل : كقوله :﴿ الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ ﴾ [الحاقة ١-٢] و ﴿ الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ ﴾ [القارعة ١-٢] وما أشبة ذلك مما أعيد بلفظ التعظيم والتفخيم.
وأما دخول الفاء في قوله :﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ ﴾ فإن شئت جعلتها زائدة، كما قال الشاعر :
لاتجزعي إنْ منُفساً أهلكتُهُ وإذا هلكتُ فعند ذلك فاجزعي
لابد أن يكون إحدى الفائين هاهنا زائدة ؛ لأن (إذا) إنما يقتضي جواباً واحداً، وإن شئت أن تقول : دخلت الفاء ؛ لأن فيه معنى الجزاء، لأن شهر رمضان وإن كان معرفة فليس بمعرفة معينة ؛ ألا ترى أنه شائع في جميع هذا القبيل لا يراد به واحد بعينه.
ويجوز فيه النصب من وجهين :
أحدهما : على الأمر، كأنه قال : صوموا شهر رمضان.
والثاني : أن يكون على البدل من ﴿ أَيَّامٍ ﴾.
وقد قرأ بذلك مجاهد، و ﴿ هُدًى لِلنَّاسِ ﴾ في موضع نصب على الحال.

فصل :


ومما يسأل عنه أن يقال : كيف جاز أن يعطف الظرف على الاسم في قوله :﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ ﴾ ؟
فالجواب : أنه بمعنى الاسم، كأنه قال : أو مسافراً ومثله :{ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا


الصفحة التالية
Icon