كما ذهب إليه من قبل أن القوم لما استعظموا القتال في الشهر الحرام، وكان القتال عند المسجد الحرام يجري مجراه في الاستعظام حمع بينهما في السؤال، وإن كان القتال إنما وقع في الشهر الحرام خاصة، كأنهم قالوا : هل استحللت الشهر الحرام والمسجد الحرام ؟ ولا يجوز حمله على (الباء) في قوله :﴿ كُفْرٌ بِهِ ﴾ ؛ لأنه لا يعطف على المضمر المجرور إلا بإعادة الجار إلا في ضرورة شعرٍ. وسأشرحه في سورة النساء.

فصل :


ومما يسأل عنه قوله :﴿ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ ؟
والجواب : أن الفتنة في الدين وهي الكفر أعظم من القتل في الشهر الحرام.
ويسأل : بما ارتفع ﴿ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ ؟
والجواب : أنه مرفوع بالابتداء وما بعده معطوف عليه، وخبره ﴿ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ وهذا قول الزجاج.
وأجاز الفراء رفعه من وجهين، فقال : إن شئت جعلته مردوداً على ﴿ كَبِيرٌ ﴾ تعني : قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به. وإن شئت جعلت الصد كبيراً، يريد القتال فيه كبير، وكبير الصد عن سبيل الله وكفر به. وخطأه علماؤنا في ذلك، قالوا : لأنه يصير المهنى في التقدير الأول : قل القتال في الشهر الحرام كفر بالله، وهذا خطأ بإجماع. ويصير التقدير في الثاني : وإخراج أهله منه أكبر عند الله من الكفر، وهذا خطأ بإجماع.
وللفراء أن يقول في هذا المعنى : وإخراج أهله منه أكبر من القتل فيه لا من الكفر به، لأن المعنى في إخراج النبي - ﷺ - والمؤمنين معه. فأما الوجه الأول


الصفحة التالية
Icon