فصل :


ويسأل بم ارتفع ﴿ رِبِّيُّونَ ﴾ ؟. وفيه جوابان ؟
أحدهما : أنه مفعول لم يسم فاعله لـ (قُتِلَ)، وهذا يجئ على مذهب الحسن ؛ لأنه قال : لم يقتل نبي قط في معركة.
والثاني : أنه مبتدأ و ﴿ مَعَهُ ﴾ الخبر، كأنه قال : قُتل ومعه ربيُّون. وموضع قوله :﴿ مَعَهُ رِبِّيُّونَ ﴾، نصب على الحال من المضمر في (قُتل) أي : قُتِلَ ذلك النبي وعه الربيون، وهذا يجئ على معنى قول أبي إسحاق وقتادة والربيع والسُّدي. ويجوز أن يرتفع ﴿ رِبِّيُّونَ ﴾ بالظرف الذي هو ﴿ مَعَهُ ﴾ وهو مذهب أبي الحسن.
ويجئ أيضا على مذهب سيبويه ؛ لأن الظرف إذا اعتمد على ما قبله جاز أن يرفع. والربيون : العلماء، هذا قول ابن عباس والحسن، وقال مجاهد وقتادة الجموع الكثيرة.
قوله تعالى :﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ﴾ [آل عمران : ١٨٠]
قرأ حمزة ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ ﴾ بالتاء وفتح السين ؛ وقرأ الباقون بالياء. فمن قرأ بالتاء فالفاعل المخاطب وهو النبي - ﷺ - و ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ مفعول أول لـ ﴿ تَحْسَبَنَّ ﴾ و ﴿ خَيْرًا لَهُمْ ﴾ المفعول الثاني.
و ﴿ هُوَ ﴾ فصل، وأهل الكوفة يسمونه عمادا، وفي الكلام حذف تقديره : ولا تحسبن يا محمد بخل الذين يبخلون خيرا لهم. وإنما احتجت إلى هذا المحذوف ليكون المفعول الثاني هو الأول في المعنى ؛ لأن هذه الأفعال تدخل على المبتدأ والخبر، والخبر هو المبتدأ في المعنى إذا كان الخبر مفرداً.


الصفحة التالية
Icon