ونصب ﴿ مَثَلًا ﴾ ؛ لأنه تفسير للمضمر في ساء وبيان، وتقديره : ساء المثل مثلاً. وفي الكلام حذف آخر تقديره : ساء المثل مثلاً مثل القوم، ثم حذف المثل الأول لدلالة المنصوب عليه، وحذف الثاني وأقام المضاف إليه مقامه للإيجاز ولأن المعنى مفهوم.
قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا ﴾ [الأعراف : ١٩٠].
الإيتاء : الإعطاء.
وقرأ نافع وعاصم من طريق أبي بكر ﴿ جَعَلَا لَهُ شُرَكَا ﴾، وقرأ الباقون ﴿ شُرَكَاء ﴾، وأنكر بعضهم القراءة الأولى، وقال لو كان (شِرْكاً) لقال : جعلا لغيره شِرْكاً ؛ لأنه بمعنى (النصيب).
والجواب عن هذا أن الزجاج قال الممعنى : ذا شركٍ، كما قال :﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ﴾ [البقرة : ١٧٧]. وقيل : هو على التفحيش، أي : كان له شركاً، والشرك : مصدر، والشركاء : جمع شريك، ككريم وكرماء.
ويسأل : إلى من يرجع الضمير في ﴿ جَعَلَا ﴾ ؟
وفيه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنه يرجع إلى النفس وزوجها من ولد آدم لا إلى آدم وحواء، وهو قول الحسن وقتادة.
والثاني : أنه يرجع إلى الولد الصالح، بمعنى المعافاة في بدنه، فذلك صلاح في خلقه لا في دينه، وثنى ؛ لأن حواء كانت تلد في كل بطن ذكراً وأنثى.
والثالث : أنه يرجع إلى آدم وحواء، فإنهما جعلا له شريكاً في التسمية، وذلك أنهما