والثاني : أنهم كرهوا قبل أن يعلموا أن الله تعالى أمر به، أو أن النبي - عليه السلام - عزم عليه، فلما علموا أرادوه.
والقول الأول أبين، لقوله تعالى :﴿ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ﴾ [الأنفال : ٦].
قوله تعالى :﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمُ ﴾ [الأنفال : ١٧].
يقال : بم قتلهم الله تعالى ؟
والجواب : بإعانته للمؤمنين، وإلقاء الرعب في قلوب المشركين، وجاء في التفسير عن ابن عباس والسُّدي وعروة : أن النبي - ﷺ - قبض قبضة من التراب فرماها في وجوههم وقال :(شَاهَتِ الوجُوه) فبثها الله على أبصارهم حتى شغلهم بأنفسهم.
ويقال : كبف جاز نفي الفعل عنه، وقد فعل ؟
وفي هذا جوابان :
أحدهما : أنه أثبته تعالى لنفسه لقوة السبب المؤدي إلى المسبب.
والثاني : أنه أثبته النبي - عليه السلام - بالاكتساب، ونفاه عنه ؛ لأنه الفاعل في الحقيقة فأثبته لنفسه تعالى.
قوله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الأنفال : ٣٢].
جاء في التفسير أن القائل هو :(النضر بن الحارث بن كلدة) ويروى ذلك عن سعيد بن جبير ومجاهد. وذلك أنه قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر